هل استمتعت مرة إلى غناء أمٍ تهدهد طفلها؟ من المرجح أن تكون هذه التجربة أكثر تجارب الارتباط البشري أهمية على الإطلاق.
بعيداً عن حالة المخ الشعورية، تؤثر الموسيقى أيضاً على تكوين المخ المادي. أحد أسباب هذا التأثير هو هرمون الارتباط المسمى بالأوكسيتوسين، ويدعى أيضاً «هرمون العناق» الذي قد يفرزه الجسم أيضاً عن طريق الغناء. ولا عجب أن عقل كل من الأم والجنين يشعر بمثل هذه التجربة الشعورية العميقة.
ويمكن للاستماع إلى الموسيقى أن يحدث ارتفاعاً شديداً في المشاعر مما يزيد من كمية الدوبامين، وهو ناقل عصبي خاص ينتجه المخ للمساعدة على التحكم في مراكز اللذة والمكافأة. وفي حين أننا نشعر غالبا كما لو أن المشاعر تنبع من القلب؛ إلا كمية كثيرة من محفزات المشاعر تنتقل خلال المخ.
يقود فهمنا الحديث لكيفية تأثير الموسيقى على المخ والقلب إلى طرق إبداعية للاستفادة من الموسيقى والمخ للوصل إلى فهم شعوري أكبر بين البشر. وقد أظهرت دراسة أجرتها مجلة العلاج بالموسيقى (Journal of Music Therapy) أن استخدام الأغاني كوسيلة من وسائل التواصل قد يرفع التفاهم العاطفي للأطفال المصابين بالتوحد. وقد حددت دراسة أغاني محددة يمكنها وصف بعض المشاعر المحددة. على سبيل المثال قد تستخدم مقطوعة لتمثل الحزن أو أغنية أخرى لتمثل السعادة. وفي الحقيقة يستطيع الأطفال الإشارة إلى المشاعر وتحديدها بحسب الأغنية التي تمثلها؛ فقد نجحت الموسيقى حيث لم تنجح اللغة المنطوقة؛ فقد كانت الموسيقى قادرة على بناء الجسور بين العقل والقلب. تستحضر الموسيقى مشاعرنا وتتفاعل معها على عدة مستويات من حياتنا الفردية والجماعية. كما تطلق الموسيقى أعمق مشاعر البشر، وتساعدنا على معالجة الخوف والحزن والأسى والاستياء حتى وإن لم تغادر هذه المشاعر مستوى العقل اللاواعي.