مصالح إيران
ومن جهته، قال النائب د.قتيبة الجبوري، في اتصال هاتفي لـ«اليوم»: إيران لن ترد على إحراق قنصليتها، وطهران هي الآن أكثر حاجة للمحافظة لتستخدمها خدمة لمصالحها، كما فعلت وتفعل مع العراق الذي تستخدمه في أي وقت لخدمة مصالحها، وأضاف: إن الأحزاب السياسية الشيعية هي وراء إحراق القنصلية الإيرانية بالبصرة لتصفية حسابات داخلية.
وقال الجبوري: نخشى من الصدام المسلح إذا ما استمرت الأوضاع بهذا الشكل وهذا ما يريده بعض السياسيين، إذ أن البصرة هي المدينة التي تغذي ما يقارب 90% من النفط العراقي كصادرات، وبالتالي أكثر من 90% من الموازنة السنوية للعراق ترتكز على نفط البصرة، وللأسف مرت سنوات كثيرة دون إجراء حكومي حقيقي لتنفيذ الخدمات وإنشاء بنية تحتية صالحة لهذه المدينة التي يقطنها 4 ملايين.
سوء الإدارة
وأضاف النائب: المظاهرات انطلقت بصورة عفوية بسبب سوء الإدارة والأوضاع، فقد وصل بهم الحال بألا يجدوا ماء صالحا للشرب في أغلب أحياء البصرة، كما يكاد ينعدم التيار الكهربائي، والخدمات الصحية ضعيفة جداً، بمعنى أن أبسط حقوق المواطن مفقودة، ولكن للأسف كالمعتاد في العراق أن التوجهات السياسية ركبت موجات هذه المظاهرات من مختلف الأطراف وكلٌ يسعى لتحقيق مصالحه، والنيل من الآخر بطريقة مباشرة أو بغيرها من خلال استغلال المحتجين والعزف على وتر معاناة البصرة.
وأشار الجبوري أن ما يحدث في البصرة اليوم ثورة حقيقية ضد الفساد، وسوء الإدارة من الحكومة التي اعتبرها مشلولة وعاجزة؛ لأن ما يحدث قد يمتد إلى محافظات أخرى وربما نصل إلى صدام مسلح، وعندها سوف تفلت الأمور من أيدي الجميع.
المظاهرات السلمية
وفي اتصال آخر لـ«اليوم»، أفاد مستشار الأمن الوطني د.واثق الهاشمي بدخول الخط السياسي على المظاهرات السلمية في البصرة؛ ما شكل أزمة واسعة، وأوضح أن هناك جهات تريد أن يكون الوضع بالعراق غير مستقر، وتلك الجهات هي من حرقت القنصلية الإيرانية في البصرة، وأضاف الهاشمي: ربما تراجع إيران دورها في العراق بعد القيام بإحراق قنصليتها.
وقال الهاشمي: يجب على البلدان التي تتدخل في سياسة العراق أن تكف يدها، ولا تتدخل في شؤوننا الداخلية، وأن تراعي حسن الجوار والاحترام.
ويتهم المدافعون عن حقوق الإنسان الشرطة وبعض عناصر الميليشيا الإيرانية بإطلاق النار على المتظاهرين، في حين تشير السلطات إلى «مخربين» تسلّلوا بين المحتجين مؤكدة أنها أمرت الجنود بعدم إطلاق النار.
جلسة استثنائية
إلى ذلك، افتتح البرلمان العراقي جلسة استثنائية بحضور وزراء من الحكومة ورئيسها لبحث الوضع القائم في محافظة البصرة، بعد أسبوع احتجاجات دموية أسفرت عن مقتل 17 متظاهرا، وإحراق القنصلية الإيرانية ومبان حكومية من ميليشيا تدعمها إيران.
ومنذ بداية يوليو الماضي، خرج الآلاف في البصرة بداية، ثم في كامل جنوب العراق، في تظاهرات ضد الفساد وانعدام الخدمات العامة والبطالة التي زاد من سوئها العام الحالي الجفاف الذي قلص الإنتاج الزراعي بشكل كبير.
لكن الأمور اتخذت منحى تصعيديا اعتبارا من الثلاثاء على خلفية أزمة صحية غير مسبوقة في البصرة، حيث نقل 30 ألف شخص إلى المستشفى تسمموا بالمياه الملوثة، كما قتل 17 متظاهرا على الأقل، بحسب ما أفاد مسؤولون.
وقبيل الجلسة، سقطت أربع قذائف السبت في باحة مطار البصرة الدولي شمال المدينة، بحسب ما قالت مصادر أمنية لـ«فرانس برس»، في حين أكد موظفون أن حركة الطيران في المطار لم تتأثر.
خراب سياسي
وأمام نحو 172 نائبا حاضرا من أصل 329، قال رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي: إن البصرة عامرة وتبقى عامرة بأهلها، والخراب فيها هو خراب سياسي، وأضاف: مطالب أهل البصرة هي توفير الخدمات، يجب أن نعزل الجانب السياسي عن الجانب الخدمي، هناك متظاهرون هم أنفسهم أدانوا أعمال التخريب والحرق.
وأبرز النواب الحاضرين في الجلسة من تحالفي «سائرون» (مقتدى الصدر) و«النصر» (حيدر العبادي)، وأبرز الغائبين هم من ائتلافي «الفتح» (هادي العامري) و«دولة القانون» (نوري المالكي).
ومساء الجمعة، اقتحم مئات المتظاهرين مبنى القنصلية الإيرانية المحصنة في المدينة، وأضرموا النار فيها، فيما قال أحد المتظاهرين: لم يعد هناك قنصلية إيرانية، لم نعد نريدها.