أنت لم تكذب فما اعتقدته صحيحًا، فذاكرتك صوّرت لك هذا الموقف، وأنك رأيت نفسك وأنت تخرج محفظتك من جيبك وتعطي أحد العاملين مبلغًا، ثم تضعها في درج الطاولة وتذهب لإكمال عملك، لكن هذا لم يحدث أبدًا، فهو من صنع ذاكرتك لمحاولة ملء الفراغات الموجودة بها، فصنعت ذكريات أخرى لإكمال القصة بناءً على مواقف سابقة.
وتأتي الذكريات الزائفة نتيجة عوامل عديدة مثل المعلومات التي تعرضها السُّلطات للمواطنين، أو المعلومات المتكررة في ثقافتنا منذ الصغر.
ويشبه علماء النفس ذاكرتنا بموقع «ويكيبيديا» فهو يمكنك ومن معرفة معلومات عديدة، وأيضًا يمكنك تغيير هذه المعلومات إذا لم تنل إعجابك، وكذلك يستطيع أي شخص أن يغيّرها.
والأمر المخيف في هذا الاكتشاف هو أنه يمكن زرع الذكريات الزائفة في الشهود لتغيير نتيجة المحاكمات؟ فعلى مر التاريخ أدين الكثير في الماضي وهم أبرياء، وساهم الحمض النووي بتأكيد ذلك لاحقًا. إذ قد يؤدي زرع الذاكرة الزائفة إلى شكل جديد خطير.
وتقول العالمة «جوليا شو» في كتابها «وهْم الذاكرة» «أنها قامت بتجربة أحضرت فيها مجموعة من المتطوعين وزارت أقارب كل واحد منهم، واستمعت إلى شهاداتهم عن ماضي هذا المتطوع» بعد ذلك، جلست مع كل متطوع وطلبت منه أن يحكي لها تفاصيل حدث محدد كانت قد عرفته عبر أقاربه، ثم واجهت المتطوع بأن قريبه حكى لها أنه عندما كان صغيرًا ارتكب جريمة معينة كحادث سرقة.
ومن الطبيعي ألا يتذكر المتطوعون ارتكاب هذه الجريمة التي لم تحدث من الأساس، لكن تأكيد «جوليا» شجّعهم على التفكر في الموقف والانغماس فيه ذهنيًا. ولأن المتطوعين أقروا تلك الجريمة مثل غيرها من القصص التي رواها عنهم أقاربهم، بدأ معظمهم يطوّرون ذكريات خاصة بهذا الموقف، ويزينون هذه الذكريات شيئًا فشيئًا بمزيد من التفاصيل.