ويجزم الكاتب والمحلل السياسي إلياس الزغبي، في تصريح لـ«اليوم»، بأن «إعلان نصرالله أنه باقٍ في سوريا حتى ما بعد الحل السياسي، يتضمن اعترافاً ولو غير مباشر بأنه يقوم بمهمة بتكليف خارجي ـ إيراني تحديداً ووضع نفسه وكأنه فريق مرتزق لدى بشار الأسد بحيث إنه حسب قوله طالما أن بشار الأسد يقرر أو يريد أن يبقى حزب الله في سوريا، فسيبقى، هذه هي حالة كل قوة مرتزقة تستخدم في الحروب عبر التاريخ القديم والحديث والآن المعاصر».
وأضاف: إن «مسألة المكابرة في العقوبات على إيران ومحاولة تمجيدها بمواجهة أمريكا والمملكة العربية السعودية والعرب والعالم، فإن هذا الأمر يحمل وجهين، أحدهما يعبر عن حالة التحدي التي يمارسها نصرالله، بدعم وتكليف وتأييد من إيران ولكن الوجه الآخر الذي يمكن أن نتبين ملامحه من خلال كلامه هذا، هو استشعار حالة التراجع أو الضعف أو الانكفاء خصوصاً بعد التطورات الأخيرة في الأيام القليلة الماضية وتحديداً اتفاق سوتشي ما بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فهذا الاتفاق نزع ورقة «النصر» في سوريا من يد محور الممانعة أي إيران وأذرعها وتوابعها وفي مقدمتها حزب الله طبعاً».
واستطرد المحلل السياسي: «لذلك يمكن أن نقول إن خطاب نصرالله في عاشوراء، يحمل في طياته بداية إقرار أو تسليم بمرحلة الصعوبات، التي سيتعرض لها المحور الإيراني، ليس فقط تحت ضغط العقوبات التي ستكون أشد وأقوى في نوفمبر المقبل، بل تحت ضغط المتغيرات السياسية والميدانية في سوريا وتحديداً كنتيجة للاتفاق الروسي ـ التركي بمباركة أمريكية واضحة».
وأبان الزغبي: «لا يمكن البناء كثيراً على ما يقوله نصرالله في هذه المرحلة، لأن كلامه يندرج في إطار رفع المعنويات طالما أن التراجعات والانكفاءات باتت واضحة وهي تتراكم بدءاً من اليمن وتحديداً في منطقة الحديدة، التي تتجه إلى تحريرها، مروراً بأزمة الحكومة في العراق وصولاً إلى التغير الميداني والسياسي في سوريا والفشل الذريع في لبنان لتشكيل حكومة أغلبية أو أكثرية تؤمن الغلبة لمحور حزب الله، لذلك يمكن وصف خطابات نصرالله في اليومين الماضيين بأنها خطابات لرفع معنويات محوره لا أكثر ولا أقل، لأن المسألة ستشهد في المرحلة الوسيطة المقبلة مزيداً من التراجع في النفوذ الإيراني على الرقعة في المنطقة العربية».
وفي السياق، قال عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار المحلل السياسي نوفل ضو، في تصريح لـ«اليوم»، إن حديث نصرالله يمثل تحديّاً للدولة، حينما قال إنه لا يمانع أن تعتمد الدولة اللبنانية سياسة النأي بالنفس، ولكنه باقٍ في سوريا، وهذا يعني أنه لا يبالي بما تفعله الدولة، وهو مَنْ يرسم السياسة الخارجية للدولة اللبنانية، وهو عملياً يورط لبنان بمشروعه الخاص، وهذا يعتبر تحديّاً للدولة اللبنانية بشكل عام وللحكومة بشكل خاص، لكي يتمكنوا من اتخاذ موقف عملي يحدد من خلاله موقع لبنان حيال أزمات المنطقة.
ويمضي ضو إلى القول: «على رئيس الجمهورية ووزير الخارجية والحكومة ككل أن يكون لديهم موقف حيال كلام نصرالله، إلا أنه مع الأسف الأمور سارية كما هي ولن توصل لأي نتيجة بأي شكل من الأشكال، لأن الجميع متورطون بصفقة التسوية التي بادرت بها القيادة اللبنانية بمواقعهم سواء على مستوى الرئاسة أو على مستوى الوزارة أو النيابة».
ويشدد على أن «هناك مشكلة كبيرة عندما يعلم نصرالله أنه سيقف الى جانب إيران في العقوبات المفروضة عليها من قبل المجتمعين العربي والدولي، فهذا يعني بكل بساطة أن نصرالله يتجه إلى توريط لبنان مع مشكلة جديدة مع المجتمعين العربي والدولي، وكل الخوف أن تنقلب العقوبات المفروضة على إيران نتيجة تصرف نصرالله وتشمل الدولة اللبنانية بشكل أو بآخر، وهذا موضوع خطير جداً يمس ليس الاقتصاد اللبناني كدورة اقتصادية وإنما بالأمن الاقتصادي والاجتماعي للدولة اللبنانية».