ولكننا في الغالب نتحدث عن المسؤولية التي تقع على الآخرين لنتملص من مسؤوليتنا، فتلك أسهل مهمة لأنها أقوال وكلام وانتقاد ولا تحتاج إلى أفعال منا!. ولكن التغيير يبدأ مني ومنك قبل لوم الآخرين. ولعلنا نبدأ بالمسائل والقضايا الصغيرة اليومية التي أهملناها وهي جزء من المسؤولية الاجتماعية، وكل له دوره وكل وهمته. ومعنى المسؤولية الاجتماعية ببساطة هي العمل الأخلاقي من أجل مصلحة المجتمع ككل. فإماطة الأذى عن الطريق إلى مكافحة الفساد بأشكاله هي من ضمن الشعور بالمسؤولية الاجتماعية. وديننا الشمولي العظيم لم يغفل عن هذا الجانب المهم، فقد جاء في الحديث النبوي: «كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته»، بالإضافة إلى الإحساس بتحمل شعور المسؤولية تجاه الآخرين ويؤكد ذلك الحديث النبوي «ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه».
وهي أيضا سلوكيات الفرد أو المؤسسة تجاه المجتمع والوطن لتقديم الخدمات والمشاركات بطابع تحمل المسؤولية من أجل الارتقاء بالمجتمع. فالمحافظة على المدرسة والشارع والعمل والبيئة المحيطة من ضمن المسؤولية الاجتماعية. وهي ينبغي أن تغرس في عقل الطفل منذ البدايات لتصبح شعورا وسلوكا تلقائيا لبناء مجتمع واع. والمحافظة على الممتلكات العامة من الصور الراقية للمسؤولية الاجتماعية، والنظافة للأماكن العامة من ضمنها أيضا، والاهتمام بالبيئة والحيوانات والأشجار وغيرها من الصور الإيجابية للمسؤولية الاجتماعية. وما حدث من البعض مؤخرا من خلال الاحتفالات والمناسبات بترك بعض الأماكن العامة مليئة بالأوساخ والأكياس والمخلفات ليس من المسؤولية الاجتماعية في شيء، وهي من أسهل السلوكيات والأعمال التي أهملناها فما بالك بالأكبر والأهم!.
والحقيقة أننا غير مطالبين بتغيير العالم، ولكن علينا بتغيير أنفسنا وما هو باستطاعتنا، وكما قال غاندي: كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم. وقد يكون ذلك في مسائل بسيطة وعملية، ولكن إذا قام بها أكثرنا أصبحت ظاهرة وعادة اجتماعية. ومما يساعد أيضا على انتشار الشعور بالمسؤولية بيننا هو التكرار والمداومة والمشاهدات اليومية. والأمثلة على ذلك عديدة منها، أن تركنا للمكان الذي كنا فيه أنظف هو من استطاعتنا، والمحافظة على البيئة والحياة الفطرية هو من الاستطاعة، والسلامة المرورية، والمحافظة على النظام، والحفاظ على الطعام من الاسراف كلها من الاستطاعة. وأيضا عدم البذخ والهياط وصرف الأموال في غير حقها من الاستطاعة، وغيرها من الأمثلة التي نحن أعلم بها ونستطيع أن نمارسها بشكل يومي وحضاري.
وتلك الأعمال حين نتأملها قليلا ونشعر بروح المسؤولية الاجتماعية تجاهها تصبح هي عادات وسلوكيات تنتقل من جيل إلى آخر، فالأطفال ينسخون ويقلدون ما نعمله أكثر مما نقوله ونردده. ومما يذكر عن الحكيم الصيني كونفوشيوس أنه قال: قل لي وسوف أنسى، أرني ولعلي أتذكر، أشركني وسوف أفهم.
وهناك مطالبات أن يضاف هذا اليوم إلى الأيام الدولية في قائمة الأمم المتحدة، فهو لا يقل أهمية عن باقي الأيام العالمية. ولعل أهداف هذا اليوم الرئيسية توافق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.
إن قضية المسؤولية الاجتماعية لا يمكن أن تصبح ظاهرة في المجتمع إذا كان كل فرد منا يعتقد أنه ليس له علاقة أو دور فيها!