في هذا النوع من الإعلام تبدو العملية التفاعلية هي الأساس الذي يحكم تواصل الأطراف المختلفة، وكلما تطورت التقنيات التي تدعم هذا التفاعل ازداد دوره تلقائيا في تواصل المجتمعات البشرية، وأصبح التأثير أكثر فعالية، لذلك فإن هذا التطور الذي يتنامى يحمل في طياته كثيرا من المؤشرات التي تتعلق بعملية الوعي والاتجاهات الجماهيرية ويعكس نبض المجتمعات.
تأخر وسائل الإعلام التقليدية يضيف مزيدا من الأهمية للإعلام الجديد فلا يمكن أن ينتظر المتلقون تلك الوسائل لتقدم لهم الخبر أو الرأي الذي يفترض أن يعزز أو يدحض آراءهم الخاصة، إذ يمكن لكل أحد أن يبني قناعاته وفقا لمرئياته مما يكتسبه من الموجة الاتصالية المفتوحة عبر أكثر من منظومة للإعلام الجديد.
ذلك يجعل من المنصات التي تتوفر في الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر وسيلة إعلامية أكثر حضورا في المشهد الاتصالي المعاصر، وهو مشهد متغير ويمضي بقوة تيار من الحاجة للمعرفة والمعلومة والخبر، فالمجتمعات في السابق كانت تنتظر الصحف صباح كل يوم لاستكمال رواية عن حدث، أو أخبار رئيسة في التلفزيونات، ولكن لم يعد أحد يفعل ذلك الآن، لأن وسائل الإعلام الجديد أصبحت أسرع في تقديم كل ما يلزم للمتلقين.
المطلوب مع هذا الزخم أن يعاد النظر في فعالية وقدرة وسائل الإعلام ودورها الحقيقي في مواجهة التحديات، فلم يعد بالإمكان أن تبقى متأخرا وإلا فلن تجد أحدا يسمعك أو يقرأ لك لأنه في الواقع تعرض للمعلومة والخبر من آخرين وتشكلت قناعات وآراء وفقا لما تم تلقيه، وهكذا أيضا تتم صناعة الرأي العام، فبمجرد بناء فكرة محورية قد ترسخ في هذا الرأي يصبح من الصعوبة إزالتها أو تحتاج لجهد كبير لمجرد فك الارتباط مع معلومة خاطئة أو مشبوهة، وذلك لأن الإعلام التقليدي لم يتطور أو يدرس المرحلة الاتصالية الراهنة أو يواكب تحدياتها، ويبدو أن بعضه لا يزال في زاوية كلاسيكية قديمة لا يمكنها أن تساير الزمن.
بناء منظومة إعلامية جديدة هو الحل للخروج من نطاق ضيق لم يعد مجديا البقاء فيه، وإلا تم تسليم كل شيء لآخرين أصبحوا يمتلكون جزءا من أدوات التطور والمواكبة، فنحن في عصر أصبح يتعامل بمنطق اللحظة والثانية، ومتابعة الأمور وتطوراتها من فورها، وإذا لم يتم ذلك لا بد وأن تحدث مشكلة ينبغي التوقف عندها ودراستها بمنهج علمي يجعل الوسيلة الإعلامية أمام خيارين إما أن تتطور أو تخرج من المشهد، فالممارسة التقليدية لم تعد هادفة أو يمكنها أن تؤدي دورها المطلوب، ولولا وجود المواطن الصحفي الذي أنتجه الإعلام الجديد لحدث الكثير السلبي فيما يتعلق ببناء الرأي العام وتشكيله.