في الرابع والعشرين من أكتوبر من كل عام.. يحتفل العالم باليوم العالمي للأمم المتحدة؛ بهدف توعية الجمهور بدور هذه المنظمة الدولية في إقرار السلام في العالم من خلال قراراتها الأممية، أو من خلال منظماتها الحقوقية المنتشرة في الدول الأعضاء، وتحرص هذه الدول على التقيد بقرارات هذه المنظمة باعتبارها المرجعية القانونية لهذه الدول التي تحرص على صدور هذه القرارات لإضفاء الشرعية على ما تتخذه من إجراءات في سياساتها الداخلية والخارجية، وغالبا ما تنظم في هذا اليوم مؤتمرات وندوات ولقاءات تؤصل للقيم الأخلاقية الواردة في نظامها الأساس، والموقع عليه من جميع الأعضاء، لكن المؤسف أن بعض الدول الكبرى لا تأخذ بقرارات الأمم المتحدة التي تتعارض مع مصالحها الخاصة، وهو رفض يتمثل في استخدام حق النقض «الفيتو» المتاح لتلك الدول، أو الرفض المباشر لهذه القرارات، أو عدم التصويت عليها، أو قبولها لكن دون الإقدام على تنفيذها، ومع ذلك لا تزال الأمم المتحدة ومنظماتها الإقليمية هي المرجعية الأساسية في أي إجراء قد يتخذ بين الدول.
وكثيرة هي المواقف التي تم فيها اختراق ميثاقها أو قراراتها أو إعلاناتها المتعلقة بمصير العالم، ومن دول تدعي الحرص على حقوق الإنسان بينما تتجاوز هذه الحقوق عمليا أو تغض الطرف عن الدول التي تمارس هذا الدور في سبيل الحصول على مكاسب ومصالح تخدمها، فهي لا يهمها سوى المحافظة على مصالحها حتى وإن تعارضت مع أنظمة وأهداف الأمم المتحدة، التي لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي حيال ذلك، إذ يسارع أعضاؤها إلى اتخاذ القرارات المناسبة والتي غالبا ما تشمل عقوبات سياسية أو اقتصادية تدفع تلك الدول إلى العودة إلى جادة الصواب، واحتواء أي أزمة من هذا القبيل، وفي حالات معدودة، يتم تجاوز تلك القرارت اعتمادا على حماية إحدى الدول الكبرى، التي تضع كل طاقاتها لخدمة هذا الهدف حفاظا على مكاسبها الخاصة، أو انتظارا لمكاسب تأتي بها المستقبل.
ضعف الأمم المتحدة في بعض المواقف، والمتمثل في تجاهل بعض القضايا الهامة والمؤثرة في أوضاع بعض الدول سياسيا أو اقتصاديا.. هذا الضعف يثير - دون شك - قلق الدول الأعضاء المتضررة من هذا التجاهل أو التهاون في معاجة ملفات مهمة تتعلق بحاضر ومستقبل البشرية، أو تتعلق بشعوب معينة غير مؤثرة في سياسات دول العالم الأخرى، مع أن القرارات في الأمم المتحدة تتخذ بآلية التصويت، وهي ملزمة للجميع حتى وإن تحفظت بعض الدول حيال قرارات معينة، وهو تحفظ لا يؤثر على هذه القرارات بعد صدورها ولا يفقدها شرعيتها.
هناك شعوب تعاني، ولا تجد إنصافا لا من الأمم المتحدة ولا من غيرها من الدول الأخرى، لأن قوى كبرى تريد لتلك الشعوب أن تغرق في معاناتها، وتظل ضعيفة يسهل السيطرة على مقدراتها، واستغلال مواردها الطبيعية، والمتاجرة بقضاياها الوطنية.
ولا معنى للاحتفال باليوم العالمي للأمم المتحدة، إذا لم يكن هذا الاحتفال ناقوسا يدق في آذان العالم، بوجوب احترام دور الأمم المتحدة في إقرار السلم العالمي، ومحاربة الفقر والجهل والمرض، من خلال احترام القرارات الأممية وتنفيذها دون تردد أو مماطلة.
الأمم المتحدة بمنظماتها ومؤسساتها المختلفة، هي بيت العالم، وضميره، لذلك فإن الامتثال لقراراتها هو الوسيلة لتحقيق السلام ونبذ الحروب والفتن التي تعصف بعالم اليوم.