ولفتت إلى أن جيلا من الشعراء الشباب يعاني من أزمة ما، من أزمة إحساسه بالوجود وأنه غير قادر على التعامل مع التسارعات في الحياة فيشعر الإنسان الشاعر أنه آلة من ضمن الآلات، أو كما يقول الشاعر أحمد العلي: «الإنسان خطأ في النظام، حياته خطأ في النظام، إن مسحت بعض المعلومات من جهازه فإن حياته قد انتهت». أو كما يقول: «لست سوى نقطة حمراء في عين قمر صناع»، وهذا ما يظنه العالم، إذًا الشاعر هنا ليس قادرا على التفاعل مع البشر، ينعكس على النص الشعري في أنه نص يعيش في عالم العزلة، ألفاظ الغياب، الموت، العدم، الهزيمة، الجفاف، فهي كلها ألفاظ سلبية لا توحي بأي إحساس أو رغبة حتى في مقاومة هذا الإحساس العدمي، فيشعر الإنسان بأن التكنولوجا تهيمن على حياته ومن ثمَ أصبح هو جزءا من هذه التكنولوجيا، وفقد قيمته الإنسانية والنتيجة هنا في تعامله مع الأشياء المحيطة بها تساوي قيمته الإنسانية، والإنسان أصبح شيئا من ضمن الأشياء، فمعظم النصوص لا نجد فيها القضايا الوجودية الكبرى مثل الإحساس بالوطن، فيها غياب لدرجة أن بعض النصوص تنسخ بعضها البعض، يتحدثون عن مكانٍ عام وزمانٍ عام، ويشبه بعضهم حيث الإنسان المعاصر في غرفةٍ واحدة ويراقب نملة، لقد وصلت اللغة إلى درجة من البساطة إلى النثرية، وبعض النصوص فقدت حتى شاعريتها.
وتضع «الخواجا» احتمالين لإحساس العدمية لدى الشعراء الشباب، الاحتمال الأول: أن تكون التجربة مستقاه من تجربة غربية، والاحتمال الثاني الانفصال ما بين الإنسان والواقع والحياة، مبينةً أن التلاحق السريع في التطور أدى إلى شعور الإنسان وهؤلاء الشعراء بالسلبية، وللأسف بعض التجارب مكررة لا تقدم شيئًا جديدًا، ولكن هناك شعراء يمتلكون الحس باللغة الشعرية رغم إحساسهم بالعدمية والانفصال عن الحياة والكون.