الإنسان.. كلمة تحمل في طياتها الكثير من المعاني، فهي تشير إلى الحياة وما بها من قيم الإنسانية، فالإنسان كل مركب خلقه الله ليميزه عن باقي المخلوقات من حيث بنائه الجسمي المتناسق الذي تميز به الإنسان عن مخلوقات عديدة على وجه الأرض، وكذلك القدرات العقلية كالتفكير والقدرة على التواصل والتحليل والاستنتاج، أو الناحية الاجتماعية التي تميزه تميزا شديدا في تفاعلاته مع الآخرين أو حتى من الناحية النفسية التي ترتبط بالإحساس بالخير والشر والعاطفة وتأثره بما يحيط به، ولهذا فلقد خلق الله الإنسان مميزا، ولكني أطرح هنا إحدى القضايا الهامة، وهى كيفية بناء الإنسان، وهي عملية تعد أكثر تعقيدا وأشد خطورة، لأنها قد تسير في مسارين: إما بناء إنسان قادر على التطوير والتنمية، أو بناء إنسان يهدم ويدمر، وهنا أشير إلى عملية التربية والتنشئة الاجتماعية منذ الصغر وما لها من أدوار هامة في بناء شخصيات قادرة وبناءة يمكن أن تسهم في تحقيق أهداف إيجابية لذاتها وللمجتمع ككل، ولهذا يجب أن نكثف كافة الجهود والإمكانات لدعم عملية التنشئة الاجتماعية وكافة الوحدات المسؤولة عنها في المجتمع بدءا من الأسرة ومرورا بالمدرسة وكافة المؤسسات الأكاديمية لما لها من دور مهم في بناء الإنسان منذ الصغر وحتى يصبح شابا مستقلا قادرا على الاعتماد على ذاته، ويمكن أن يسهم بشكل كبير في تنمية المجتمع، وفى سياق الحديث عن بناء الإنسان نتذكر مقولة للدكتور والعالم الجليل مصطفى محمود- رحمه الله- وهي: «قيمة الإنسان هي ما يضيفه إلى الحياة ما بين ميلاده وموته»، فإذا تم بناء الإنسان بصورة صحيحة كان له إضافات حقيقية إلى الحياة منذ ميلاده وحتى مماته، وهذا ما أثبتته الحياة من نماذج لعلماء ومفكرين ومخترعين ومطورين كان لهم بصماتهم التي ما زال لها أثرها الواضح على مجريات الحياة اليومية في العالم رغم مماتهم، وهنا يجب علينا أن نفكر في صياغة حقيقية لبناء الإنسان في ظل ما يموج به العالم اليوم من متغيرات، والحقيقة أن المملكة في الوقت الحاضر تشهد انفتاحا معرفيا سوف يسهم في دعم عملية بناء الإنسان معرفيا وثقافيا وفكريا، ولكن يجب أن نحرص على تطبيق كافة الاستراتيجيات التربوية والتعليمية التي تحمي أبناءنا من تيارات التطرف الفكر، والحرص على بناء نسق القيم الذي يدعم القيم الوطنية، كما أن رؤية السعودية 2030 تستهدف العمل على استثمار الطاقات الشبابية بالتوجه إلى المشروعات الطموحة ودمج الكفاءات للمشاركة في برامج التنمية، ولهذا نجد أن بناء الإنسان يعد المحور الرئيس لكافة الإستراتيجيات التي تم وضعها لتحقيق التنمية المستدامة في كافة ربوع الوطن، وعلى الله قصد السبيل.