ما من أحد إلا وينزعج لو وصله كلام الناس عنه.. وأكثر ما يغضب إن كان بهتاناً وافتراءً لا أساس له من الصحة.
الإسلام قطع أسباب الكراهية بين الناس ومتّن العلاقات الأخوية بينهم فحرم الغيبة والنميمة وسوء الظن ونهى عن التناجي بين اثنين إذا كانوا ثلاثة، وحث على إحسان الظن والتماس الأعذار، وأمر بالتثبت فيما يقال.
وللشيخ مصطفى السباعي كلام رائع في وجوب التثبت في الكلام حيث قال: «والجماهير دائماً أسرع إلى إساءة الظن من إحسانه، فلا تصدق كل ما يقال ولو سمعته من ألف فم، حتى تسمعه ممن شاهده بعينه، ولا تصدق من شاهده بعينه حتى تتأكد من تثبته فيما يشاهد، ولا تصدق من تثبت فيما يشاهد حتى تتأكد من براءته وخلوه عن الغرض والهوى، ولذلك نهانا الله عن الظن واعتبره إثماً لا يغني من الحق شيئاً».
تأكد قارئي العزيز أن الناس سيتكلمون فيك وعنك، سيتهمونك، سيغتابونك، ويقولونك ما لم تقل.. فأدر ظهرك، وصم أذنيك، واتخذ من كلامهم سلماً ترقى عليه.. يقول الشافعي: ليس إلى السلامة من الناس سبيل، فانظر الذي فيه صلاحك فالزمه.
ولله در ابن دريد الأزدي وهو يصور حال الناس..
وَمَا أَحَدٌ مِنْ أَلْسُنِ النِّاسِ سَالِماً
وَلَوْ أنَّهُ ذَاكَ النَّبِيُّ المُطَهَّرُ
فإنْ كانَ مقداماً يقولونَ أهوجُ
وَإِنْ كَانَ مِفْضَالاً يَقُولُونَ مُبْذِرُ
وإنْ كانَ سكيتاً يقولونَ أبكمُ
وَإِنْ كَانَ مِنْطِقياً يَقُولُونَ مِهْذَرُ
وإنْ كانَ صواماً وبالليلِ قائماً
يَقُولُونَ زَرَّافٌ يُرَائِي وَيَمْكُرُ
فَلاَ تَحْتَفِلْ بِالنَّاسِ فِي الذَمِّ وَالثَّنَا
وَلاَ تَخْشَ غَيْرَ اللَّهِ فَاللَّهُ أَكْبَرُ
خلاصة القول..
لا تهتم بكلام الناس.. لا تبحث عن قيمتك في أعينهم.. لا تحترق بآرائهم.. فكل ما قيل فيك وعنك لا يضرك.. ابحث عن رضا الله.. كلام الناس فيك سيأتيك حسنات يوم القيامة، فمرحباً بحسنة لم تعملها.
* قفلة..
قمة المتعة.. أن تجالس شخصاً يكرهك ويغتابك كثيراً ومع ذلك يبين لك العكس.. هذا كاف بأن يخبرك أن لحضورك هيبة قادرة على تحويله لمنافق جبان!، قالها: جبران خليل جبران.