ثانيا: إعادة التمركز في أفغانستان، فبعد خسارة تنظيم داعش مواقعه في سوريا والعراق، بدأ ينشط في نقل عناصره إلى الأراضي الأفغانية، حيث يعمل هناك على استقطاب أعداد كبيرة من مقاتلي حركة «طالبان» إلى صفوفه، مما يمثل تهديدا كبيرا لروسيا. ويشير تقرير أصدرته الأمم المتحدة في أغسطس 2018 إلى أن أعدادا كبيرة من المقاتلين الأجانب توجهت إلى أفغانستان كملاذ بديل عن سوريا والعراق. وبحسب التقرير فإن ما يقدر بنحو 3500-4500 من مقاتلي تنظيم داعش يتواجدون في أفغانستان، وأن هذه الأعداد تتزايد. وخشية موسكو تكمن في إمكانية انتشار تنظيم داعش من أفغانستان إلى دول مجاورة مثل طاجاكستان وأوزباكستان ومنها إلى روسيا. إلا أن تحقق هذا السيناريو مرهون بقدرة قيادات التنظيم على الاستقرار في أفغانستان، لا سيما أن ذلك هو مقر تنظيم القاعدة وكذلك سيطرة حركة طالبان على المنطقة لسنوات عديدة دون زوالها، كما أن عدم وجود حواضن اجتماعية لداعش في أفغانستان قد يمثل عائقا هاما أمام تحقق هذا السيناريو.
ثالثا: تفكك التنظيم وتحوله إلى اللامركزية: يتمثل هذا السيناريو في تشظي التنظيم وتفككه بحيث يتحول التنظيم إلى فكرة عابرة للحدود، ينشط بشكل كبير في المجال الافتراضي. ولعل أوضح مثال على هذا الأسلوب حادث الدهس المروع الذي وقع في موسكو في يونيو 2018، بعد ثلاثة أيام من انطلاق بطولة كأس العالم، التي استضافتها روسيا، وأدى إلى سقوط أكثر من 8 جرحى. فمنفذ الهجوم لم يكن يخضع إلى التنظيم ولم يكن يستلم منه التعليمات، بل قام بالتخطيط والتنفيذ ضمن إمكاناته الذاتية، وتحرك بتأثير من دعاية التنظيم. وقد رصدت أجهزة الأمن الروسية زيادة في أعداد المنضمين الروس إلى تنظيم داعش، كما رصدت زيادة في أعداد مواقع الانترنت التي كانت وظيفتها جذب مجندين جدد إلى التنظيم، وعلى إثر ذلك قامت الأجهزة الأمنية الروسية باعتقال حوالي 2000 فرد في موسكو، بالإضافة إلى إغلاق 32 موقعا إلكترونيا روسيا تنشر أفكارا داعشية.