الغرس التربوي مهم، لذلك فإن الاتجاه إلى تخصيص هذا الوقت للقراءة ربما يسهم إلى حد كبير في توجيه سلوك القراءة لدى الطلاب إلى نواح إيجابية تحفزهم للاتجاه إلى الكتب، سواء ورقية أو إلكترونية، فالمهم أن يمارس أبناؤنا هذه العادة المعرفية لأنها تمثل بوابة تنويرية ومعرفية مهمة لهم، فلا يمكن أن يحصل الفرد على حصيلته المعرفية دون قراءة، على الأقل في عصرنا الحالي، رغم تسارعه.
القراءة نفسها استجابة لمقتضيات الفطرة في أن يرتفع الإنسان بطموحاته وتطلعاته، ويستكشف ذاته والعالم من حوله بوعي أكبر، ورؤية أكثر استجلاء للحقائق، ولا معنى حقيقي للتعليم دون قراءة مستمرة تصقل الوعي وتفتح مستويات الإدراك وترتقي بها، لذلك فإن المدرسة معنية بمعالجة الخلل القرائي من خلال تدعيم توجهات الطلاب والناشئة إلى القراءة بصورة راتبة ومنتظمة حتى يعتادوا عليها ويتجهوا بها إلى أوقات أكثر اتساعا للنهل المعرفي.
ولا فرصة لنجاح توجيهات الوزير دون التزام من المدارس بذلك، ولا شك أنها تعرف حجم الخلل وضعف مستويات القراءة لدى الطلاب، لذلك لا بد من التعاون من أجل إنجاح فكرة القراءة المنتظمة، وابتكار أساليب جديدة تعزز اتجاه الطلاب وحرصهم على مداومة القراءة سواء في مكتبة المدرسة أو في منازلهم أو في الحدائق العامة، ويمكن إنشاء مجموعات قراءة بحسب اهتمامات الطلاب في المجالات المعرفية المختلفة، وهذه من السهولة معرفتها لدى المشرفين.
من المهم أن يجد هذا التوجه كل الاهتمام والعناية من المدارس ومديريها والمشرفين، لأن وضع القراءة متراجع للغاية، وذلك يؤثر على المستقبل الفكري للناشئة ويبتعد بهم عن المعرفة كثيرا، فضلا عن بعدهم عن تفجير طاقاتهم واكتشاف مواهبهم وقدراتهم، فنحن نحتاج لأجيال مفكرة وتملك الأدوات العقلية والمعرفية التي تجعلهم أكثر مواكبة للمستقبل وتطوراته، كما يجعلهم ذلك أكثر عمقا وبعيدا عن السطحية والاهتمامات المتواضعة التي لن ترتفع بهم كما لن ترفع سقف طموحاتنا في الوعي والفكر الإنساني، لذلك لنأمل أن تبادر المدارس إلى تنفيذ التوجه الوزاري بحرص شديد، والتزام بمقتضياته لأن ذلك يعوّض كثيرا من مفقودات القراءة التي ضاعت في زحمة هذا الزمن وسط انشغالات لا تسمن ولا تغني من جوع.