أو هو باختصار العملية المنظمة لتجميع ومراجعة واستخدام المعلومات الخاصة بعملية تعلم الطلاب الصفية بغرض تحسين وتطوير تعلمهم.
والتقويم أوسع شمولا من التقييم Evaluation الذي يعني عملية اتخاذ حكم أو قرار مبني على أدلة تعلم ومعايير محددة.
ويتسع مجال التقويم ليشمل اكتساب الطلاب لثلاثة مناحٍ:
المعارف: وهي تشمل المعارف كلا من البيانات والحقائق والمعلومات والمفاهيم والأفكار والقضايا والاتجاهات والمواضيع والنظريات.
المهارات: وهي تطبيقات المعرفة في ممارسات عملية، وتتميز بالبراعة والدقة والسرعة في إنجاز مهمة أو عملية معينة.
الكفاءات: وهي السمات الشخصية والقيم والجوانب الأخلاقية والمسؤوليات ودرجة الاستقلالية في إنجاز المهام والعمليات في سياق عملي، وهي أحدث صياغة لمخرجات التعلم كما أصدرها المركز الوطني للتقويم والاعتماد الأكاديمي 2018.
ويسمى التقويم الذي يراعي توجهات التقويم الحديثة التقويم الواقعي authentic assessment. وهو التقويم الذي يعكس إنجازات الطالب ويقيسها في مواقف حقيقية. فهو تقويم يجعل الطلاب ينغمسون في مهمات ذات قيمة ومعنى بالنسبة لهم، فيبدو كنشاطات تعلم وليس كاختبارات سريعة يمارس فيه الطلاب مهارات التفكير العليا لبلورة الأحكام أو لاتخاذ القرارات أو لحل المشكلات الحياتية الحقيقية التي يعيشونها. وبذلك تتطور لديهم القدرة على التفكير التأملي reflective thinking الذي يساعدهم على معالجة المعلومات ونقدها وتحليلها، فهو يوثق الصلة بين التعلم والتعليم بما يساعد الطالب على التعلم مدى الحياة.
آن لنا أن نُعنى بتنمية قدرة المتعلم على تفعيل تعلمه، من خلال توظيف مهاراته في مواقف حياتية حقيقية، أو مواقف تحاكي المواقف الحقيقية، أو قيامه بعروض عملية يظهر من خلالها مدى إتقانه لما اكتسب من مهارات، في ضوء النتاجات التعليمية المراد إنجازها، وذلك من خلال التقويم المعتمد على الأداء Performance-based Assessment.
وهذا المفهوم التربوي للتقويم ينسجم مع تأكيد الإسلام على أن إحدى المسؤوليات الكبرى لدى كل إنسان هي مدى تحول المعرفة إلى أداء عملي كما في الحديث النبوي: (لا تزولُ قدما عبدٍ يوم القيامةِ حتى يُسأل عن أربعٍ، منها عن عِلمِه ما عمِل به؟ رواه الترمذي: 2417. ولذا قال أبو الدرداء: إنما أخاف أن يكون ما يسألني عنه ربي أن يقول قد علمت، فما عملت فيما علمت؟
ويروي لنا عوف بن مالك الأشجعي: أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم نظر إلى السماءِ يوما فقال: هذا أوانُ يُرفعُ العِلمُ، فقال لبيدُ بنُ زيادٍ: يا رسول اللهِ يُرفعُ العِلمُ وقد أُثبِت ووعته القلوبُ؟ فقال له رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إن كُنتُ لأحسبُك مِن أفقهِ أهلِ المدينةِ، ثم ذكر اليهود والنصارى على ما في أيديهم مِن كتابِ اللهِ، وفي رواية هذهِ التوراةُ والإنجيلُ عند اليهودِ والنصارى فماذا تُغني عنهم؟ رواه صحيح ابن حبان ٤٥٧٢.
ومن أشهر المؤلفات في ارتباط العلم بالعمل ما كتبه الخطيب البغدادي -رحمه الله- في رسالته بعنوان «اقتضاء العلم العمل»، يقول فيه (إن العلم شجرة والعمل ثمرة، وليس يعد عالما من لم يكن بعلمه عاملا).
فيا معلمي القدير، قل لي كيف تُقوم؟ أقل لك كيف تعلم؟ فالتقويم هو الذي يكشف حقيقة ما تعلمه طلابك.