ضربة البداية هي الجامعات نفسها من خلال العمل بموجهات وتوصيات المؤتمر الذي قدم عصفا ذهنيا برؤية علمية ومنهجية جديرة بأن يتم الالتزام بها، فالجامعات ليست مدارس للتلقين المعرفي وإنما بوابة أوسع للمعرفة وتقديمها وليس مجرد أخذها، وما لم تكن هناك مبادرات للارتقاء بالأداء العلمي وتوسعة الحصيلة العلمية لدى الطلاب فإن الخريجين يصبحون مجرد حاملي شهادات.
من الضروري أن تتم إجابات على العديد من الأسئلة التي تم طرحها في المؤتمر، ومن بينها ما قيمة الجامعة اليوم؟ وما الذي ينبغي أن تقدمه؟ وكيف؟ وما الموضع الملائم للشهادة الجامعية ذات الأعوام الأربعة بالنسبة لخطة ترتكز إلى التعلم مدى الحياة؟ وما جدوى التقنيات الجديدة لما يتم تعليمه وكيفية تعليمه؟ كل هذه الأسئلة يجب أن تجد إجابات واقعية تؤهل الجامعات لأداء أفضل من المتاح حاليا خاصة وأننا في عصر يتسم بميزات تقنية متسارعة في جميع مجالات المعرفة.
الأمر شديد الإلحاح في هذا السياق أيضا، والذي تناوله المؤتمر هو التعليم عبر الإنترنت، وهو جزء من منظومة الاستجابة الفعالة لواقع العصر واتساع المظلة التعليمية والعلمية، وينبغي أن يكون جزءا من الأطر العلمية والتعليمية في الجامعات حتى يكون الوصول الجامعي متاحا للكثيرين ممن يرغبون في الارتقاء بمعاييرهم العلمية والمعرفية، وهو جزء من الحصاد الذي يمكن أن يتوفق فيه الكثيرون ويبدعون ويتحفزون لتقديم أفضل ما لديهم.
تحتاج الجامعات إلى مزيد من التطوير واستخدام التقنية والإنترنت في أنشطتها وأدائها المعرفي، وذلك أمر يجب أن تسارع إليه وتتخلص من النمطية والتقليدية التي تعتبر السمة السائدة في أداء كثير منها، فهي لم تعد مؤسسات محافظة وبطيئة التغيير، كما تم وصفها في المؤتمر، وإنما هي تميل إلى أن تتأكد من قيمة التجارب العلمية والمعرفية، وذلك أمر حدث بالفعل وأصبح متعارفا عليه في العديد من جامعات العالم، ما ينتفي معه أي مبرر للتردد في اتخاذ خطوات متقدمة تستجيب للعصر ومقتضياته، حتى نرى جامعاتنا في أعلى الترتيب العالمي بصورة أكثر تماسا مع تطورها وتوظيفها لكل ما يستجد تقنيا في أدائها، وتوسعة دورها المعرفي على النطاق الوطني والدولي بصورة أكثر تفاعلا مع رغبات الذين يسعون للالتحاق بها، وذلك قد يأتي بقدرات إضافية تجعلها تمضي قدما في طريق النمو والتطور والإسهام الأكثر قوة في نهضة بلادنا وتنميتها على المدى البعيد.