وهؤلاء المخترعون والمؤلفون بذلوا حياتهم من أجل خدمة الآخرين، وتسهيل حياتهم، وهم يستحقون تلك الحقوق خصوصا المادية أكثر من غيرهم من مشاهير الصدفة!. ونحن نعلم أنهم بالكاد يجدون الفرصة في العالم العربي لما يقومون به، ولذلك يلجأ البعض منهم للهجرة إلى الغرب من أجل أن يجد المردود المادي والمعنوي، والتحفيز للمواصلة في الإبداع والابتكار.
ومن أهداف هذا اليوم العالمي زيادة الوعي بأثر الملكية الفردية وأهميتها على الناس في حياتهم اليومية، والتعريف بمفهوم الحماية الفكرية ودورها في نمو الإبداعات والاختراعات، وأيضا الاحتفال بالمخترعين والمؤلفين لتحفيزهم أكثر والمضي قدما في مجالاتهم.
وبحسب الموقع الإلكتروني لمكتب براءات الاختراع لمجلس التعاون الخليجي، هناك 10253 اختراعا حتى أبريل من هذه السنة «2019م». وهي موزعة كما يلي: 2324 للهندسة الميكانيكية والكهربائية، 1945 لهندسة البترول والغاز الطبيعي، 1186 للصيدلة والتقنية الحيوية، 4798 للكيمياء والهندسة الكيميائية.
وهناك أمر مهم وهو يقع على عاتق المخترع والمؤلف أن يحرص ويبادر فورا إلى تسجيل حقوقه الفكرية قبل أن يسبقه أحد بفترة قصيرة. فقد حدث ذلك لمخترع الهاتف إليشا غراي حيث سبقه ألكسندر غراهام بيل إلى تسجيل الاختراع بساعات معدودة، ولكن بحسب ويكيبيديا فلا هذا ولا ذاك هما المخترع الحقيقي للهاتف، بل هو الإيطالي أنطونيو ميوتشي، وقد اعترف مجلس النواب الأمريكي بذلك رسميا في عام 2002م أي بعد مرور 113 عاما!
ومن حق المخترعين والمؤلفين أن يجنوا ثمار تعبهم الذي قضوه في المختبرات والمعامل، وكذلك السنوات الطوال في البحث العلمي، والعناء والعزلة عن المجتمع من أجل أن يخرجوا لنا أفضل الأفكار والنظريات العلمية، وتلك أبسط مباهج الحياة المادية والمعنوية لهم.
وهناك مخترعون لا تهمهم الناحية المادية كثيرا، ولعلهم متصالحون مع أنفسهم ويمتلكون كنز القناعة، ومن أبرزهم السير تيم بيرنرز الذي اخترع شبكة الويب العالمية (الإنترنت). والسبب الآخر ربما جهل بعضهم بالقيمة التجارية لمخترعاتهم وابتكاراتهم.
وقضية حفظ الحقوق الفكرية والأمانة العلمية كانت موجودة عند علماء المسلمين قديما، حيث قال أبناء موسى شاكر(مهندسون في علم الحيل -الميكانيكا- القرن الثالث الهجري) في أحد كتبهم: إن كل ما وصفنا في كتابنا من عملنا إلا قياس المحيط، فإنه من عمل أرخميدس. وأشار الطبيب المشهور الرازي في كتابه (الحاوي) عمن نقل، فقد قال: جمعت جملا وعيونا من صناعة الطب من كتب أبقراط، وجالينوس وأرماسوس. في حين أن بعضا من الأوروبيين إبان عصر النهضة نقلوا أفكارا ونظريات من كتب الحضارة الإسلامية ونسبوها إلى أنفسهم (وكما نقول نحن بالعامية: ما حولك أحد)!
وهناك من كان متشددا جدا في مسألة حفظ الحقوق الفكرية مثل صاحب كتاب «مروج الذهب» للمسعودي (346 هجري). واسمحوا لي أن أنقل لكم جزءا من عباراته المهددة وشديدة اللهجة حيث قال: «فمن حرف شيئا من معناه، أو أزال ركنا من مبناه، أو طمس واضحة من معالمه...(إلى أن قال) أو نسبه إلى غيرنا أو أضافه إلى سوانا، فوافاه من غضب الله وسرعة نقمه وفوادح بلاياه ما يعجز عنه صبره....»!!. والكلام الذي كتبه طويل جدا في التحذير والدعاء على من ينقل من كتابه دون أن يشير إليه، وحتى وأنا أنقل إليكم كلامه نصا من كتابه خفت أن تصيبني دعواته!
وختاما، إنه من المهم بعد سنوات العمل الطويلة من أجل اختراع أو ابتكار أو كتاب أن تعرف كيف تحوله إلى منتج يحتاجه الناس ويتسابقون إليه!