» مستوطنات التعدين
وقالت المهتمة بالتاريخ والآثار لمياء بريك لـ«اليوم»: «تقع مدينة عشم الأثرية في مركز المظيلف التابع لمحافظة القنفذة على طريق الحج القديم الذي يربط جنوب الجزيرة بمكة المكرمة على امتداد الساحل وتبعد عن مكة المكرمة قرابة ٣٠٠ كيلو متر، وتعد من أهم مستوطنات التعدين في الفترة الإسلامية المبكرة ومحطة للحجاج، ومدينة عشم الأثرية كانت معمورة قبل الإسلام واشتهرت بكثرة المعادن، في حين تغطيها الآن الكثبان الرملية، ولم يبق من معالمها إلا بعض الركام الحجري لأطلال مبانيها، فيما تتناثر القطع الفخارية للأواني والقطع الزجاجية الملونة لزخارف القباب والمصابيح والآنية على جنبات الطرق المجاورة لهذه المدينة، إضافة إلى العديد من الأصداف البحرية وأحجار الآجر والجص والمطاحن الحجرية المخصصة لطحن المرو والتعدين، ويتضح من مخلفاتها الأثرية أنها مدينة ازدهرت فيها الصناعة وتفوقت في مجمل المجالات الكيميائية المطبقة على أعمالهم التقنية المتحضرة المتمثلة في فصل الذهب عن النحاس والمعادن الأخرى، واستخراج الزئبق من المرو واستخدامه، وصناعة الزجاج الملون من الرمال الزجاجية المحيطة بهذه المدينة الأثرية، كذلك السمات الخطية المنقوشة على شواهد المقابر والتي تشير إلى التقدم الثقافي والعلمي، وكذلك التاريخي للسكان والتي يعود معظمها للقرن الهجري الأول، ويربطها بمكة المكرمة طريق الحج والتجارة القديم الذي كان يربط اليمن جنوبا بالحجاز ومكة شمالا، حيث كانت تقوم عبر هذا الشريط الساحلي رحلتا الشتاء والصيف».
» تربة زجاجية
وأضافت «بريك»: «تتميز مدينة عشم بتربتها الزجاجية مقارنة بالعديد من المواقع العالمية الأخرى، وهي غنية بالمعادن النفيسة ومن أهمها الألماس والذهب والنحاس، كما أنها منطقة متقدمة علميا؛ لوجود الأفران المتخصصة لصناعة الزجاج الملون المنتشر في أرجائها، فيما بنيت بيوت عشم بالحجارة البركانية التي يغلب عليها اللون الأسود وصفت الكتل الصخرية بعضها فوق بعض دون استخدام المونة، ويصل عدد بيوت القرية إلى حوالي ٤٠٠ بيت بعضها يتكون من غرفة واحدة والبعض الآخر يتكون من غرف متعددة، وتوجد فيها مقبرة تقع شرق القرية القديمة تبلغ مساحتها 150 مترا في 150 مترا، وعثر في عشم على أعداد كبيرة من الكسر الفخارية التي تعود لفترات ما قبل الإسلام وحتى القرن الخامس الهجري بعد الإسلام».