اليوم باتت غالبية الحرف تقتصر على العمالة الأجنبية، ويتم الاعتماد عليها كثيرا، لدرجة أنهم يشكلون اليوم سوقا داخل السوق، مصانعنا البدائية والصغيرة والمتوسطة، ورشنا والأسواق، كلها تعتمد عليهم، فحين تفتخر حكوماتهم بأنهم بنوا مدننا فهم محقون، ونحن لا نبخسهم هذا الحق. لذا علينا أن نعيد توجيه الأمر من جديد، عبر الاهتمام بالنشء وتدريبهم على مثل هذه المهن في المدارس والجامعات.
فالحرف أغلبها إنما هي صنعة يدوية ذات مهارة، وقد تكون أهم من المهن والوظائف التي يجيدها الجميع، وبالمقارنة فإن الدول الصناعية والواعدة اعتمدت وتعتمد في صناعاتها على أولئك الحرفيين والعمال والشغيلة.
فمن المؤسف على الرغم من القبول الجماهيري لأصحاب المهارات اليوم، لا تزال الثقافة السائدة تقتضي بأن تقتصر مهن على العامل الأجنبي وهي مهن غنية جدا وتدر على صاحبها أموالا كثيرة، مؤسف أن تكون الحرف إنما هي أشغال يدوية لهواة، بينما هذه الحرف هي أصل للـBrand والماركات العالمية، التي هي عبارة عن مصانع حرفية تنتج منتجات مشهورة. في الأصل كانت لحرفي محظوظ نال عمله قبولا.
الاشتغال في الحرفة يساعد على تطوير صاحبها، وتطور مهارته كثيرا، أنا لا أتحدث عن المشاريع اليدوية والصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر وإن كان كلامي يشملها، بل أتحدث عن جيش من الشغيلة والعاملين في الصناعات أو في الحرف والمصانع والورش، ممن يجيدون عمل شيء ما حتى لأنفسهم ممن يزيدهم العمل علما ومهارة ويغنيهم.
للأسف نحن نهب ثرواتنا للأجانب، كما فعلنا مع العمالة الكورية، التي امتهنت حرفا ومهارات ثم حين ذهبت لبلادها الأم كان لها أثر عظيم في التنمية هناك سواء بالمال أو بالمهارة، والسؤال: حين يذهب هؤلاء الوافدون لبلادهم الأم هل نجد من نعول عليه؟. نحن خاسرون في جميع الأحوال، إن كانوا هنا سنخسر أموالنا التي ستحول لديارهم وإن لم يكونوا سنخسر عمالا.