رسالة الحل التي بدأت بها المقال ترد على جوالاتنا قبل بدء رمضان، صحيح بقلة مقارنة بأعوام سابقة، ولكن القلة كما الكثرة مشكلة، فمن أكبر المصائب عندما يرى المخطئ أنه على صواب وليس بحاجة أن يتحلل من أحد، بل على من يجب أن يتحلل منهم أن يتحللوا منه.
ولذلك شكرا لمن يطلب الحل، ولكن عليه أن يطلبه بالوسيلة الأصح والتي تحقق الهدف، فالرسالة هي مجرد إهدار للوقت والجهد، والأولى من ذلك أن يحرص طالب الحل مع بداية هذا الشهر الفضيل، أن يبدأ بوضع خطة محكمة للرقي بالنفس والتخلص مما يوجب الحل، فيبتعد عن نهش أعراض الآخرين والتنقص منهم، وبذلك لا يحتاج إلى طلب الحل منهم بعد ذلك.
وإن كان مؤذيا لوالديه أن يلزم قدميهما، فهناك الحل والجنة وكل شيء جميل.
وإن كان مقاطعا لغيره قريبا كان أو بعيدا، أن ينهي أسباب القطيعة، فمهما كانت المشاكل تظل صغيرة ومسببة للقلق والاستنزاف، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
وإن كان قد أكل مال أحد، يرد إليه ماله ويتحلل منه، فحتى عفو الخالق في قضايا الحقوق مبني على عفو المخلوق.
وإن كان مقصرا في عمله يراجع نفسه ويقوم بواجبه، فخدمة الآخرين رفعة وبقاء ذكر في الدنيا والآخرة.
هذا هو الطريق الأسلم والأنجح لطلب الحل وبراءة الذمة وهو هدف يستحق العمل من أجله، فعندما حضرت الوفاة الفاروق رضي الله عنه وقد وضع ابنه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما رأسه في حجره قال: يا بني ضع رأسي على الأرض، قال: يا أبت وما حجري والأرض إلا سواء، قال: ضع رأسي على الأرض، ويلي وويل أمي إن لم يغفر لي ربي وددت أن أخرج من الدنيا كفافا لا لي ولا علي!