وأثبتت الدراسات بما لا يدع مجالا للشك دور التدريب كاستثمار بشري، وأنه من أفضل أنواع الاستثمار الذي يحقق عائدا ملموسا يساهم في تلبية احتياجات النمو الاقتصادية، والاجتماعية، فضلا عن كونه وسيلة مهمة في محاولات اللحاق بركب التقدم والتكنولوجيا، وبالتالي فإن الإنفاق على التدريب هو إنفاق استثماري يزيد من كفاءة وأداء العنصر البشري، ولا يعتبر إنفاقا استهلاكيا غير ذي عائد.
وتزداد أهمية التدريب في العصر الحديث لعوامل عدة، أبرزها تلك الفجوة الكبيرة بين مخرجات التعليم بمؤسساته ومستوياته التعليمية المختلفة وبين احتياجات سوق العمل، والتدريب هو أحد العوامل المساعدة في تضييق تلك الفجوة ومعالجة آثارها السلبية على النشاط الاقتصادي، ويساعد كذلك في عملية تخطيط القوى العاملة، وتعزيز التنمية الشاملة، وإيجاد علاقة إيجابية بين المنشأة -أية منشأة- وأفرادها، ما دام الإنتاج هو قاعدة العلاقة بينهما.
ومن هنا، ولأن «رؤية المملكة 2030» -التي طرحها وتبناها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان- تحمل في كل تفاصيلها نهضة شاملة لاقتصاد مزدهر ومجتمع متطور يحتاج إنجازها وتحقيقها كل جهود أبناء المملكة، كل في مجاله، ومطلوب أيضا أن تكون كل هذه الجهود منتجة وبناءة بالشكل الأمثل، وموجهة التوجيه الصحيح؛ لضمان جودة هذا الإنتاج. فقد جاء في الرؤية المباركة «رؤية 2030»: تعد مهارة أبنائنا وقدراتهم من أهم مواردنا وأكثرها قيمة لنا، وسنسعى إلى تحقيق الاستفادة القصوى من طاقاتهم من خلال تبني ثقافة الجزاء مقابل العمل، وإتاحة الفرصة للجميع، وإكسابهم المهارات اللازمة التي تمكنهم من السعي نحو تحقيق أهدافهم.
وقد ركزت الرؤية بالتفصيل على الاستثمار في التعليم والتدريب وتزويد أبناء الوطن بالمعارف والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل، وذلك من خلال برامج التدريب أثناء العمل محليا وخارجيا، وكذلك وضع برامج تدريبية بالتعاون مع أكاديميات وجامعات دولية ومراكز عالمية متخصصة، وابتعاث شباب الوطن إلى كل مكان لاكتساب التعليم والتدريب والمهارات اللازمة للحاضر والمستقبل.