السؤال الذي يجابهنا للوهلة الأولى، هو ماذا نقصد بالمؤسسة مقرونة بهوية المسلم وأي مفهوم للخطاب يمكن من خلاله تتبع خصائص وسمات تلك الهوية، في مجرى تاريخ الأفكار وتحولاته الكبرى؟
المؤسسة مصطلح حديث، وهو مبدأ تنظيمي برز في حقل علم الاجتماع مع تحول المجتمعات من الحياة التقليدية التي تعتمد على الاقتصاد الإقطاعي، إلى الحياة الحديثة التي تعتمد على الاقتصاد الصناعي والرأسمالي.
ودون الدخول في متاهة النظريات التي تناولت هذا المفهوم أو المصطلح، فإننا سنركز على الجانب المجرد من المؤسسة، وليس جانبها المادي، فالمادي يتصل بنظام متكامل من المؤسسات السياسية والاقتصادية والدينية التي هي صنيعة الدولة الحديثة، والمجتمع المدني.
أما الجانب المجرد منها فيمكن تعريفه بأنه نسق من المعايير المجردة التي تتدخل في تنظيم حياة الجماعة، كتقاليد الزواج وبقية العلاقات الاجتماعية الأخرى. هنا يمكن أن نعثر على تطابق بين هذا المفهوم للمؤسسة والدور الذي اضطلع به رجل الدين المسلم ضمن إطار ما يسمى المؤسسة الدينية.
أما الخطاب فهو فعل ممارسة اجتماعية تسمح للأفكار والآراء بأن تنتشر بين الناس بهدف التأثير والإقناع، وهذا الفعل تدعمه سلطة اكتسبها من قدسية تلك الأفكار، أو من مكانة حاملها عند المتلقي. لكنها بالنهاية تمثل منظومة من الأفكار تعكس هوية هذه الفئة من الناس أو تلك.
وحتى تكتمل الصورة في أذهاننا ينبغي التفريق بين الخطاب بهذا المعنى، والنص بوصفه وثيقة تاريخية نعتمدها في التحليل. يقول علماء اللسانيات «كل ملفوظ يندرج تحت نظام اللغة وقوانينها فهو نص، وإذا ما خرج ليندرج تحت السياقات الاجتماعية سمي خطابا». وكمثال بسيط على ذلك: الفرد المسلم حين يردد ويحفظ المرويات فهذه المرويات والتعاليم هي بالأساس مدونات لغوية مكتوبة كتراث وهو ما نطلق عليه هنا (النص).
لكن حين يحاول تطبيقها في حياته وسلوكه عمليا، ويحاول أيضا أن يحاجج بها الغير، ويدخل في سجال معه، مع الأخذ بعين الاعتبار جملة الدوافع التي تقف خلف فهمه ووعيه لهذه المرويات والتعاليم، من مصالح ومنافع، ومن ظروف تربوية واجتماعية ، كل هذا نسميه خطابا.
قد ينطبق هذا التعريف على أي فرد من أي مجتمع آخر كان، أي ليس بالضرورة هو مفصل على مقاس المجتمع المسلم.
لكن من أهم مبررات هذا التصور الذي نقوم بافتراضه هنا، هو عدم الوقوع في فخ تفسير النصوص بشكل اختزالي، دون الأخذ بعين الاعتبار مكونات الخطاب الذي هو من صميم الواقع وحركته.
فالاعتماد على النصوص فقط في مقاربة الأفكار تاريخيا من آراء وظواهر يؤدي إلى النظرة الأحادية ذات الخطوة العرجاء، بل أرى أن تحليل الخطاب مقدم على تحليل النصوص، فالثاني يقاس على الأول بعد تأويله وليس العكس كما يحدث في أغلب الأحيان عند معظم الباحثين.
فواقع الإنسان وحياته واجتماعه أكثر تعقيدا من النص نفسه.
يبقى أن نشير إلى مدى التشابه والتداخل بين الأدوار التي تؤديها المؤسسة بالمفهوم الذي طرحناه، داخل المجتمع، وبين وظيفة الخطاب، ويمكن القول هنا إنهما يملكان سلطة مشتركة منبعها واحد تقريبا، وهي سلطة تقديس الأفكار التاريخية.
لذلك فكرة التقديس هنا لا تتحول إلى سلطة إلا عبر وسائط متنوعة، أهمها كما قلنا المؤسسة والخطاب.
وعليه لا يمكن تفكيك الأفكار المرتبطة بفكرة التقديس، وتسليط معول النقد، إلا عبر فهم وتحليل وظائف هذه الوسائط في حياة الفرد والجماعة على السواء.
ودون الدخول في متاهة النظريات التي تناولت هذا المفهوم أو المصطلح، فإننا سنركز على الجانب المجرد من المؤسسة، وليس جانبها المادي، فالمادي يتصل بنظام متكامل من المؤسسات السياسية والاقتصادية والدينية التي هي صنيعة الدولة الحديثة، والمجتمع المدني.
أما الجانب المجرد منها فيمكن تعريفه بأنه نسق من المعايير المجردة التي تتدخل في تنظيم حياة الجماعة، كتقاليد الزواج وبقية العلاقات الاجتماعية الأخرى. هنا يمكن أن نعثر على تطابق بين هذا المفهوم للمؤسسة والدور الذي اضطلع به رجل الدين المسلم ضمن إطار ما يسمى المؤسسة الدينية.
أما الخطاب فهو فعل ممارسة اجتماعية تسمح للأفكار والآراء بأن تنتشر بين الناس بهدف التأثير والإقناع، وهذا الفعل تدعمه سلطة اكتسبها من قدسية تلك الأفكار، أو من مكانة حاملها عند المتلقي. لكنها بالنهاية تمثل منظومة من الأفكار تعكس هوية هذه الفئة من الناس أو تلك.
وحتى تكتمل الصورة في أذهاننا ينبغي التفريق بين الخطاب بهذا المعنى، والنص بوصفه وثيقة تاريخية نعتمدها في التحليل. يقول علماء اللسانيات «كل ملفوظ يندرج تحت نظام اللغة وقوانينها فهو نص، وإذا ما خرج ليندرج تحت السياقات الاجتماعية سمي خطابا». وكمثال بسيط على ذلك: الفرد المسلم حين يردد ويحفظ المرويات فهذه المرويات والتعاليم هي بالأساس مدونات لغوية مكتوبة كتراث وهو ما نطلق عليه هنا (النص).
لكن حين يحاول تطبيقها في حياته وسلوكه عمليا، ويحاول أيضا أن يحاجج بها الغير، ويدخل في سجال معه، مع الأخذ بعين الاعتبار جملة الدوافع التي تقف خلف فهمه ووعيه لهذه المرويات والتعاليم، من مصالح ومنافع، ومن ظروف تربوية واجتماعية ، كل هذا نسميه خطابا.
قد ينطبق هذا التعريف على أي فرد من أي مجتمع آخر كان، أي ليس بالضرورة هو مفصل على مقاس المجتمع المسلم.
لكن من أهم مبررات هذا التصور الذي نقوم بافتراضه هنا، هو عدم الوقوع في فخ تفسير النصوص بشكل اختزالي، دون الأخذ بعين الاعتبار مكونات الخطاب الذي هو من صميم الواقع وحركته.
فالاعتماد على النصوص فقط في مقاربة الأفكار تاريخيا من آراء وظواهر يؤدي إلى النظرة الأحادية ذات الخطوة العرجاء، بل أرى أن تحليل الخطاب مقدم على تحليل النصوص، فالثاني يقاس على الأول بعد تأويله وليس العكس كما يحدث في أغلب الأحيان عند معظم الباحثين.
فواقع الإنسان وحياته واجتماعه أكثر تعقيدا من النص نفسه.
يبقى أن نشير إلى مدى التشابه والتداخل بين الأدوار التي تؤديها المؤسسة بالمفهوم الذي طرحناه، داخل المجتمع، وبين وظيفة الخطاب، ويمكن القول هنا إنهما يملكان سلطة مشتركة منبعها واحد تقريبا، وهي سلطة تقديس الأفكار التاريخية.
لذلك فكرة التقديس هنا لا تتحول إلى سلطة إلا عبر وسائط متنوعة، أهمها كما قلنا المؤسسة والخطاب.
وعليه لا يمكن تفكيك الأفكار المرتبطة بفكرة التقديس، وتسليط معول النقد، إلا عبر فهم وتحليل وظائف هذه الوسائط في حياة الفرد والجماعة على السواء.