يأتي رمضان كل عام ضيفا كريما ينير القلوب ويعم به الفرح وتشاع الروحانيات في أرجاء العالم، فهو شهر التسابق بالخيرات وترويض النفوس، ولهذا يعتبر رمضان فرصة لإصلاح النفس وتجنب العادات السيئة، فرمضان فيه كل الخير لأهل الخير، فالمسلمون في كافة بقاع العالم يجتمعون في الصلوات ويؤدون العبادات في ملحمة إيمانية تتضافر فيها الهمم لتطهير النفوس والاغتسال من الذنوب، وهذا يتطلب إرادة قوية وهمة عالية لأداء الفرائض وقراءة القرآن الكريم والإكثار من الدعاء والاستغفار والتسبيح، ليس ذلك فحسب بل إن رمضان فرصة لإعادة تهذيب الذات، فصيام رمضان لا يجب أن يختزل في الامتناع عن الشراب والطعام، بل يتخطى ذلك بإعلاء قيمة الصبر وصون النفس وصوم القلوب عن الأمور الدنيوية التي ترتبط بالإسراف والتبذير والمبالغة في مظاهر الحياة اليومية، فنجد أن الكثير منا تعود الإسراف في الطعام والشراب أثناء الإفطار رغم أن كمية الطعام التي يأكلها الصائم يقل حجمها في رمضان، كذلك المبالغة في إعداد الحلويات وتناول المشروبات والمأكولات حتى السحور، وهذا لا يتوافق مع رمضان بل يتناقض معه من حيث المضمون والهدف، إن شهر رمضان شهر الصبر والبعد عن الإسراف والمبالغة في كافة أمور حياتنا، ولنا في رسولنا الكريم- صلى الله عليه وسلم- القدوة والمثل، فحياته حافلة بالصبر وتحمل المشاق، وهكذا يعتبر رمضان مدرسة روحانية لتأهيل وتدريب النفوس لكي تعتاد الخصال الحميدة والتحلي بالأخلاق السامية، وإشاعة التراحم والمودة بين كافة المسلمين، وإثراء قيم التآخي والتساند والتلاحم والترابط، فما أجمل الصدقات في رمضان وما أروع الزكاة في رمضان لتكون رحمة للفقراء والمحتاجين ودعما ومساندة للمرضى وذوي القربى واليتامى والمساكين، فما أجمل إن نشعر بالآخر وقت الضيق وما أروع أن تمد يدك لمساعدة المريض لتخفف عنه ألمه وحزنه، وما أجمل أن ترى الابتسامة على وجه طفل عندما نتقاسم المأكل والمشرب، ففي رمضان تعم السعادة قلوب المسلمين بالصلاة والدعاء فتنقى القلوب من رواسب الحياة على مدار عام كامل.