لا يقتصر التستر التجاري على الأفراد وأصحاب المؤسسات الصغيرة أو العمالة الأجنبية الحرفية البسيطة، بل يشمل قطاعاً عريضاً من الشركات الكبيرة، تحت مسمى «التمثيل التجاري» وهو اصطلاح وهمي يهدف لتغطية تعامل غير نظامي لا تجيزه الأنظمة في المملكة، حيث توجد شركات تمارس أعمالها بكامل موظفيها الوافدين من قمة الهرم حتى قاعدته، وذلك تحت مظلة الوكيل أو الممثل التجاري.، بحيث لا توظف تلك الشركات السعوديين إلا في نطاق ضيق جداً وفي مستويات وظيفية دنيا. وتقوم هذه الشركات في الغالب بتحويل إيراداتها بالكامل إلى مصارف واستثمارات في الخارج ما يؤثر في السيولة النقدية في المملكة.
مما ذكر أعلاه نستخلص أن التستر التجاري يسهم إسهاماً كبيراً في تزايد معدل البطالة بين المواطنين، وذلك لأن الأيدي العاملة الأجنبية تعمل بطريقة غير نظامية ما يجعلها تأخذ الفرص الوظيفية على المواطنين، وذلك حرصاً من إداراتها الأجنبية على سرية أعمالها.
ينعكس التستر التجاري سلباً على التحويلات المالية وسعر العملة السعودية مقابل العملات الأجنبية. يسعى الوافدون لتحقيق الأرباح بأسرع وقت وأعلى نسبة ممكنة من خلال توظيف الأيدي العاملة الوافدة التي تنافس الأيدي العاملة السعودية من حيث الأجور، وذلك في ظل غياب الأنظمة التي تحدد المستوى الأدنى للأجور. وبطبيعة الحال فإن أغلب الأيدي العاملة الوافدة تكسب الحد الأدنى من الأجور في المملكة لأنها تعتبر مرتفعة بالنسبة للأجور في بلدانها.
أرى ضرورة توطين الوظائف العليا أو ما نعرفه بالتوطين من القمة، ناهيك عن توطين الوظائف التي تنمي المهارات العالية للسعوديين. وعليه فإن بقاء العمالة الوافدة في الوظائف العليا لا يساعد على توطين الوظائف في مختلف المستويات لأن الغالبية العظمى من الذين يشغلون الوظائف العليا يحاربون توطين أو سعودة الوظائف بشكل أو بآخر. وعندما قلت كلمة يحاربون فإنني أقصد بذلك الحرب النفسية والمعنوية التي تجعل السعوديين يتركون العمل تحت وطأة هذه الإدارات التعسفية التي لا يهمها شأن السعوديين بأي حال من الأحوال.
ويلعب المواطن دوراً كبيراً في التستر التجاري حينما يسمح للوافد باستخدام سجله التجاري مقابل مبلغ مالي بسيط يتقاضاه بنهاية كل شهر أو سنة حسب اتفاقية التستر المبرمة بينه وبين الوافد. وهنا يلعب وعي وحس المواطن دوراً مهماً في نهاية هذه الممارسات التجارية غير النظامية والمنافية لأخلاقيات العمل التجاري ما يضع اقتصادنا وأبناءنا وبناتنا في سجلات البطالة.
وفي الختام لا بد من تضافر الجهود الحكومية والخاصة والفردية والمجتمعية والإعلامية لمكافحة التستر التجاري.