يقال: إن الشركات القادرة على التكيف مع المتغيرات حولها تكون أكثر استجابة في السوق الذي تعمل به، والشركات التي لديها تسرب وظيفي أقل تحقق أرباحا أكثر ثباتا. ويمكن القول: إن الشركات التي تعتمد على سلسلة إمداد متطورة من أجل تخزين وتوزيع المنتجات والخدمات عبر قنوات البيع الخاصة بها، تحقق ميزة تنافسية مستدامة. ويمكن تشبيه نظام إدارة سلسلة الإمداد الفعالة كنظام الدورة الدموية في جسم الإنسان، فإذا كان هناك انسداد أو تباطؤ في الدورة الدموية فسينتج عنه خلل في عمل الجسم بأكمله، وقد يؤدي ذلك للوفاة، ولا تختلف الشركات عن ذلك في حال كانت إدارة سلسلة الإمداد الخاصة بها غير فعالة، فقد يؤدي ذلك لخروجها من السوق ومن المنافسة.
ولا شك أن التجارة الإلكترونية ساهمت بشكل كبير في نمو صناعة الخدمات اللوجستية، ففي السابق يكون مقبولا نسبيا حينما تطلب من الإنترنت أن يأتي الطلب متأخرا أو للعنوان الخطأ أو منتج مختلف أو يكون المنتج تعرض للكسر والتلف بسبب سوء التخزين أو النقل، كون تلك المرحلة كان العملاء يعيشون في مرحلة الإبهار والإثارة في بداية ثورة التجارة الإلكترونية، ولكن الآن تغيرت المعادلة وأصبح العملاء يبحثون عن خيارات توصيل أكثر دقة وفاعلية. ولذلك فإن كفاءة سلاسل الإمداد أداة تنافسية وغالبا ما تحدد الفرق بين نجاح الأعمال وفشلها. وفي أمريكا يتجاوز حجم رأس المال المخصص لعمليات سلاسل الإمداد أكثر من 688 مليار دولار سنويا، وهو ما يفوق الناتج المحلي الإجمالي لجميع دول العالم، باستثناء 16 دولة، وفقا للبنك الدولي. وأشارت شركة الأبحاث AMR Research، إلى أن الشركات الـ25 الأولى التي تتفوق في سلاسل الإمداد تتفوق في متوسط عوائدها بحوالي 18%، وهذا اختلاف كبير جدا في الأداء.
وتتجه الشركات نحو الأتمتة في عملياتها اللوجستية كإحدى الطرق التي تستطيع بها إنشاء قنوات إمداد أكثر كفاءة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن ما يقرب من 40% من جميع الشركات التي تدير سلاسل الإمداد تفتقر إلى درجة عالية من الأتمتة، ومن المرجح أن ينخفض هذا الرقم 17% هذا العام.
أدركت العديد من الشركات أن مفاهيم مثل last mile logistics أو last mile delivery أصبحت الآن مسؤولة عن النمو المستدام في مجال الخدمات اللوجستية. وهكذا، في السوق الأمريكية، نمت المستودعات ومراكز التوزيع اللامركزية بحوالي 7% خلال فترة السنوات الخمس السابقة، وأصبحت مساحات المتاجر للبيع بالتجزئة بمثابة مرافق تخزين وتوزيع فعلي معا مع نمو التجارة الإلكترونية. والشركات التي تدعم سلاسل الإمداد المتكاملة الخاصة بها بدلا من الاستعانة بمصادر خارجية تمكنت من تحقيق معدلات نمو أعلى بنسبه 20% على المدى الطويل مقارنة بتلك التي تستعين بمصادر خارجية، مع انخفاض في مستويات المخزون وانخفاض الخسائر. وتتضافر جميع هذه العوامل لتحسين القدرة التنافسية للشركة التي بلا شك تحقق ميزة تنافسية مستدامة.