«الحزام والطريق» تعرف بأنها المبادرة الصينية التاريخية لإنشاء طريق يربط الصين بدول العالم ويسمى «طريق الحرير»، وكان هذا الطريق قديما يعتبر له دور كبير في ازدهار العديد من الحضارات القديمة مثل: «المصرية، والصينية، والرومانية، والهندية»، كما كان التقاء الثقافات والتبادل الفكري والتجاري، ويعد طريق الحرير سياسة صينية اقتصادية قديمة تم إحياؤها حديثا كـفكرة «حزام تجاري» ويعتبر طريق الحرير ذا أبعاد إستراتيجية كبيرة ومهمة في التجارة العالمية للمدى الطويل، كما يصنف خبراء مبادرة الحزام والطريق على أنها «أضخم مشروع تجاري تنموي في التاريخ»، الذي أعلن عنه الرئيس الصيني عام 2013م كـرؤية إستراتيجية صينية لمستقبل واعد للعالم. الجدير بالذكر أن تسميته بطريق الحرير تعود إلى عام 1877 م بعد أن زرعت الصين شجرة التوت لأول مرة في العالم وقامت بتربية دودة القز المنتجة للحرير على أوراقها وسرعان ما ازدهرت تجارة المنسوجات الحريرية في بلادهم وحققت عوائد مرتفعة جدا بعد تصديرها للعالم عبر طريق الحرير الذي كان يربط بين الصين والجزء الجنوبي الغربي لآسيا الوسطى والهند.
كما انتقلت في السابق عبر هذا الطريق الديانات المختلفة، فـانتشر وعرف العالم الإسلام، وأيضا انتقلت عبره المواد الخام الأولية التي مهدت الطريق للثورة الصناعية، خاصة صناعة الورق التي أخذت طفرة في التراث المعرفي والإنساني، وتشكل مبادرة الحزام والطريق إستراتيجية ضخمة تهدف إلى الارتقاء بالدور والمكانة الصينية في القارة الآسيوية من الناحية التنموية وهو ما جعل الصين تجدد فكرة طريق الحرير الذي سوف يجعل منها قوة اقتصادية ومنافسا كبيرا للعالم كـالولايات المتحدة والهند، ومن المتوقع أن تتوسع المشاريع والتحديات خلال هذا المشروع التي سوف تكون أبعد من إنشاء مشاريع شبكات الطرق والمواصلات والطاقة، بل سوف يخلق عالما جديدا ذكيا ومطورا، كما يعتبر مشروعا إستراتيجيا تنمويا تعتمده الحكومة الصينية بتطوير البنية التحتية والاستثمارات في 152 دولة ومنظمة دولية في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وأفريقيا.
ويعد طريق الحرير أضخم مشروع اقتصادي تطلقه الصين ويشمل مشاريع للسكك الحديدية والطرق السريعة والمرافئ والطاقة تتجاوز قيمتها 1.2 تريليون ويغطي مناطق الصين وغرب آسيا وأوروبا كما انضم إليها حتى الآن نحو 65 بلدا، ويهدف الطريق إلى إنشاء مسارات تجارية متفق عليها بين عدد كبير من الدول وبمبادرة اقتصادية واحدة بحيث يتم تبادل المشاريع والصفقات والأدوات التجارية والمالية وصولا إلى عولمة جديدة تعتبرها الصين أنها ستكون ذات مصلحة ومنفعة كبيرة لشعوب العالم.
وتنسجم عملية إحياء طريق الحرير الذي يربط شرق الكرة الأرضية بغربها مع رؤية المملكة 2030 ومرتكزاتها الأساسية ومنها تحويل الموقع الإستراتيجي للمملكة إلى منصة لوجستية ومحور عالمي لجعل المملكة نقطة اتصال بين آسيا وأوروبا وأفريقيا ومركزا للتجارة وبوابة للأسواق العالمية، كما أن الصين تدرك أهمية المملكة ودورها الكبير في المنطقة سياسيا واقتصاديا وتعتبر المملكة محورا مركزيا ونافذة إستراتيجية للصين على ثلاث قارات «آسيا، أوروبا، أفريقيا»، وذلك يجعل الصين تعتمد من خلالها لنقل السلع والتجارة وإيصالها إلى أوروبا ودول العالم.