نجحتْ المملكة في جمع قادة الأمة خليجيا وعربيا وإسلاميا في مؤتمرات مكة المكرمة التي جاءت للمّ الشمل باتجاه وحدة الصف والموقف والكلمة، وفي مواجهة التحديات التي تتهدد المنطقة، بعدما عززت القمة الإسلامية التي شهدت أكبر تجمع على مستوى القيادة مخرجات القمتين السابقتين وكرّست أولوية القضية الفلسطينية، وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم وفق مبادرة السلام، وأدانت التعنت الإيراني في تبني الإرهاب كوسيلة لتحقيق أحلام الملالي ووكلائهم في إشعال الإقليم والعبث بأمنه واستقراره، مما لا يهدد أمن الخليج وحسب، وإنما أمن المنطقة والعالم، حيث تسببت السياسات الإيرانية الرعناء في هذا الاحتشاد العسكري في مياه الخليج لمواجهة الخطر الإيراني، ما جعل المنطقة تواجه نذر الحرب التي لن يسأل عنها أي طرف عدا نظام الملالي وعجرفته التوسعية.
إزاء هذا المناخ المتوتر والمشوب بالكثير من المخاطر نجحتْ المملكة من خلال دعواتها المسؤولة والحكيمة لمؤتمرات مكة المكرمة الثلاثة، في جمع قيادات الأمة لتحمّل مسؤولياتهم، وفي قبلة الإسلام وعاصمته في موعدٍ بالغ الدلالة، حيث توالى انعقاد القمم في أيام الله وفي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وهو موعد له دلالاته العميقة التي تشي أول ما تشي بأن القيادة في المملكة التي طالما تحمّلت مسؤولياتها على مستوى المنطقة والعالم بأسره في كافة المنعطفات، تدرك أن الأمة تواجه اليوم الخطر الإيراني الذي بات يوظف ميليشياته في بعض البلدان العربية لضرب الأمن، والذي ما عاد خطراً على أحد دون أحد، وإنما هو خطر على دول الخليج وعلى العرب والمسلمين، ومن ثم على اقتصاد العالم، مما يرتب على قيادات الأمة الإسلامية توحيد الصفوف والكلمة لمواجهة هذا الخطر، واتخاذ المواقف الكفيلة بردعه، وإجباره على التخلي عن إرهاب الدولة وإرهاب العصابات، واحترام أدبيات الجوار، وليس ثمة مكان على وجه الأرض أحرى وأجدر من جوار بيت الله العتيق الذي وحّد قبلة المسلمين ليوحد كلمتهم ومواقفهم بما يحمي الأمة، ويجنبها شرور الحروب والفتن. وهو ما يجب أن تستوعبه طهران إن كانت لا تزال تصنف نظام المعممين ضمن أمة الإسلام التي جمعتها قمم مكة المكرمة، وأدانت بكل مسؤولية أعمال الإرهاب والعدوان الإيراني، وإصراره على المضي قدما في التدخل السافر في الشأن العربي عبر التغرير ببعض العناصر المأجورة من الميليشيات التي يتم تحريكها بالمال لضرب شعوبها، وهدم أمنها، فهل تستوعب طهران الرسالة وتثوب إلى رشدها؟.