النفق المظلم الذي دخل النظام الإيراني فيه، واحتار كيف يخرج منه، يبطل كل الدعاوى الزائفة التي أدار النظام منغومتها المهترئة بقدرته الفائقة على مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها؛ بدليل جنوحه من خلال تصريحات المسؤولين الإيرانيين إلى المفاوضات لإنهاء وتسوية الأزمة القائمة، ويبدو واضحا للعيان أن دول العالم التي تعودت على ألاعيب ومراوغات النظام لن تصدق تلك التصريحات وأنها قد تمرعليها مرور الكرام، وهو أمر يزداد معه الأمر تعقيدا وتشابكا، فالمسألة خرجت عن التصريحات «الوهمية» إن جاز القول، وأصبح لزاما على النظام إن أراد الخروج من عنق الزجاجة أن يتوقف تماما وإلى غير رجعة من خلال آليات تراقبها المؤسسات الدولية عن سائر حماقاته كتدخله في شؤون دول المنطقة ومعاضدته للميليشيات الإرهابية في كل مكان، لتنوب عنه في العمليات الإجرامية التي أخلت بأمن واستقرار وسيادة دول المنطقة والعالم، ووقف تطوير أسلحتها التدميرية الشاملة ووقف نزواتها في عرض المياه الدولية والامتناع عن الاعتداء على المضخات النفطية.
تلك اشتراطات من المشكوك أن يلتزم النظام بها، وبالتالي فإن العقوبات الاقتصادية ستبقى مضروبة حول طهران وسيبقى التجييش قائما كوسيلة ناجعة من وسائل الردع، ولمنع النظام من أي اعتداء قد يرتكبه يعرض مصالح دول المنطقة والعالم إلى الأخطار، وقد آن لحكام طهران أن يحسبوا ألف حساب لأي تجاوز من تجاوزاتهم المعهودة، فدول المعمورة ما عادت قادرة على تحمل تلك التجاوزات، وما عادت دول المنطقة قادرة على تحمل مناورات النظام الإيراني التي أدخلتها في معمعة الحروب والفتن والطائفية، ووضعتها على صفيح ساخن يغلي بمختلف الأزمات فهي مصممة على بناء مستقبل أجيالها في أجواء مفعمة بالسلام والطمأنينة والأمن، وتجنح إلى التخلص من الأوضاع السائدة الحالية التي يريد النظام من خلالها بسط هيمنته وسيطرته ونفوذه على حساب حرية تلك الدول وسيادتها واستقرارها.
وقد بعثت القمم الثلاث العربية والخليجية والإسلامية التي عقدت مؤخرا بمكة المكرمة رسالة واضحة إلى النظام الإيراني، بأهمية توقفه تماما عن ممارسة مناوراته المكشوفة ضد مصالح دول المنطقة والعالم، وأن العقاب سيكون فادحا ومكلفا إن استمر في خططه العدوانية التي تمثل خطرا على دول المنطقة وعلى كافة دول العالم المحبة للأمن والحرية والسلام.
وتصرفات النظام الإيراني الهوجاء ضد دول المنطقة والعالم أدت إلى اهتزازه من الداخل بفعل العقوبات من ناحية وبفعل التحركات العسكرية الحالية لتأديبه وقص أجنحته من ناحية أخرى، كما أن عزلة إيران عن العالم آخذة في الاتساع، فنزوات النظام وألاعيبه ألبت معظم الدول الكبرى عليه، وأضحى داخل «كماشة» لا يقوى على التعامل مع ضغوطاتها، وإزاء ذلك فإن احتمال الانفجار ضده من الداخل الإيراني ليس بعيدا واحتمال تسليمه بكل الاشتراطات المطلوبة منه ليس بعيدا أيضا.