في جبل شدا الأعلى استعرضت عواقب الزراعات العشوائية. هل توقف هذا النهج؟ لماذا يستمر تعظيم البريق المؤقت؟ هل أعطينا الاستدامة أهمية؟ لماذا نتجاهل التحديات؟ هل يتم تشخيصها وتحديد خطورتها؟ أين نزرع؟ لماذا نزرع؟ ماذا نزرع؟ أين الرؤية والإستراتيجية الزراعية؟ أين التخطيط الزراعي وبرامجه؟ هل التوسعات الزراعية تراعي ندرة الماء؟
وقفت على ثلاثة مدرجات مزروعة بشجر البن. أخيرا شاهدته ولأول مرة. سرّني بلون ثمره الأحمر. منضود على أغصان، يحتضنها الورق الأخضر. قلت هذه خطوة جبّارة، وجهد استثنائي.
فجأة ظهر صاحبها. متقاعد. بمظهر أنيق، لا يدل على أنه مزارع. برفقته عامل. كنّا واقفين في إحدى زوايا شريط مزرعة البن. لا يتعدى عرضه رصيف مشاة ضيق. بطول محدود من الأمتار، لا تزيد عن أصابع اليدين. رجل في العقد السادس من العمر. يقيم في المخواة، وقد هجر المكان. شرح أن وزارة البيئة والمياه والزراعة تقف معهم، وأنها خلف إعادة توطين زراعة البن في الجبل. فجأة.. بدأ الحديث السلبي والشكوى. حيث طفت على كل الإيجابيات التي توقعتها.
كان يشكو من قلة الماء. ثم ألقى بالمسؤولية على الوزارة. لا توفر لهم الماء الكافي. بعد نقاش عرفت أن (الرّي) يتم بواسطة (صهاريج) المياه التي توفرها الوزارة. معلومة صادمة لشخصي. معلومة توحي وتقول. معلومة زادت من أوجاعي. معلومة عمَّقت قلقي المستمر على مستقبلنا مع ندرة المياه. كنتيجة جاء طوفان التساؤلات.
ما الجدوى الاقتصادية من إعادة توطين البن في غياب الماء؟ هل هذه زراعة مستدامة؟هل ستستمر الوزارة في توفير (صهاريج) مياه الري؟ هل هي مجرد ميزانية ستنتهي، وينتهي معها الدعم؟ هل ستتوسع الوزارة في الدعم؟.
في ظل ندرة الماء، هل هي مهنة زراعية، يعول عليها، للأجيال القادمة في هذا الجبل؟ هل الأمر مجرد ضغوط متقاعدين، رجعوا إلى ماضيهم، يلهون بإعادة رسمه؟ هل هناك دراسات مستفيضة ودقيقة خارج حسابات العاطفة؟ هل الأمر برمته استمرار لسياسة الاندفاع الزراعي خارج التخطيط؟
جبل شدا بحاجة إلى تحديد إمكانياته الجغرافية والتاريخية والاقتصادية والبيئية. الجبل معلم سياحي. يمكن أن يكون عالميا بما يمثله ويحمله من مؤشرات تاريخية. متى تتوفر لجبل شدا خارطة تنمية خاصة، يتم إجبار الجميع على تنفيذها، وفق رؤية وإستراتيجية وخطط وبرامج؟.
رأيت تشويها واجتهادات غير رشيدة. إنها ثمار اجتهادات فردية، غير ناضجة. وجدت بداية غزو استراحات، تشوه الجبل وتسيء إلى بيئته. هل ستتوقف؟ إن التنمية في جبل شدا، وبكل أشكالها، بحاجة إلى إعادة نظر.