هو موقف نبيل بالتأكيد، يستحقه هذا الرجل الفاضل الذي أفنى زهرة شبابه في خدمة كتاب الله، وحفر لنفسه في وجدان كل مسلم مكانة خاصة، وهو الذي تشرفت مهارته في الخط بنسخ كلام الله، سواء في النسخة الدمشقية عندما خط المصحف بالرسم العثماني لصالح وزارة الأوقاف الإسلامية في الجمهورية العربية السورية عام 1970م، أو في نسخة المدينة المنورة بعدما استعان به مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بعد إنشائه في عام 1984م، حيث كتب المصحف أكثر من 13 مرة، وقال في مقابلة تلفزيونية خاصة مع الإعلامي أحمد الشقيري إنه يحتاج إلى ما يزيد على ثلاثة أعوام لإنجاز النسخة الواحدة، حيث استطاع الشيخ عثمان طه في نهاية الأمر أن تكون له طريقته وبصمته الخاصة التي وسمتْ مصحف المدينة المنورة.
ورغم أنني أقدّر، وأثمّن عاليا موقف معالي الوزير من تجديد عقد فضيلة الشيخ، إلا أنني أعتقد أنه يستحق ما هو أكثر، لماذا أقول هذا؟، قبل أن أجيب أريد أن أؤكد أنني لا أعرف الشيخ، ولم ألتقه في حياتي، يشهد الله، ولكن لأنني أؤمن بأن الشيخ طه لم يقدم لنا لا كسعوديين عبر مجمع الملك فهد، ولا كمسلمين خدمة دنيوية يمكن أن نكافئه عليها بعقد أو بتجديد عقد، وإنما قدّم لنا في واقع الأمر خدمة تتصل بديننا لا بد أن أجره وثوابه الأسمى عليها سيأخذه من الله سبحانه وتعالى، لذلك ومن باب التكريم للرجال الذين نذروا أنفسهم لخدمة رسالة الإسلام فليس أقل من أن يرتبط فضيلة كاتب المصحف الشريف مع المجمع بعقد لا ينفك إلا بمفارقة الحياة بعد عمر طويل إن شاء الله، حتى وإن توقف عن العمل، من باب تثمين جهده الذي التصق بأعين ووجدانات جميع المسلمين ممن يقرأون المصحف بنسخته العربية، وليس فقط بتجديد عقد ينتهي عاجلا أو آجلا مع مغادرة الوزير لمنصبه، وهو عشمٌ لا يليق إلا بمثل هذا الوطن الذي طالما كرّم كل الأيادي والعقول التي خدمتْ الإسلام، فكيف بيدٍ كان لها شرف خط كلام الله ؟!.