سأذكر أمثلة مما قرأته من تلك التعليقات، أو ما يمكن أن نسميها الخواطر؛ وهي من فئات مختلفة ومتعددة المستويات الفكرية والعمرية. فبعد حادثة الاعتداء على مطار أبها بصاروخ منطلق من الأراضي اليمنية، حسب الرواية الرسمية السعودية، وجدت كماً هائلاً من العبارات غير اللائقة بمثل تلك المنصة العالمية (تويتر)، تحمل عبارات انفعالية، مثل: «احرقوهم بالنار!» أو: «السعودية ستنتقم من العابثين بإبادتهم»، وغير ذلك من عبارات تُحسب علينا، خاصة أن بعض من يتفوه بها له دراية بالأمور، وليس غراً تأخذه العاطفة بتبني مثل تلك الانفعالات، إضافة إلى أن مثل هذه الفرقعات لا قيمة لها في موازين الفعل العسكري الرادع. أفهم غضب الناس مما حصل؛ سواء في تفجير محطات ضخ البترول أو الاعتداء على مطار أبها الدولي (المدني)، لكن ردود الفعل العاقلة والفاعلة لا تدار بمثل هذه العقلية.
فالسعودية، ومعها دول التحالف، لا تريد إحراق اليمن، ولا إبادة شعبه؛ بل هي تسعى إلى إطعامه وعلاجه بإرسال الإغاثة والدواء إلى أماكن النزاع المتضررة، ومحاولة تخفيف آثار الحرب على الناس المغلوبين على أمرهم. ثم إن الحوثيين ليسوا في مكان منعزل، حتى يتم قصفهم أو الانتقام منهم؛ إضافة إلى أن خبراء السياسة والدفاع لديهم الإمكانات التي يتدارسونها لمنع وسائل الهجوم، أو الحد منها إلى أضيق الحدود، وليسوا بحاجة إلى التذكير بما عليهم فعله.
بل إن أحدهم، وهو شخص مجرب وذو اطلاع واسع، دعا إلى أن تطلق السعودية من الأراضي اليمنية صواريخ على مفاعلات إيران النووية، وهو رأي أستغرب بأن يجرؤ شخص ينظر في عواقب الأمور على أن يتبنى مثل هذا الرأي. فقصف المفاعلات النووية أولاً لا يكون بصاروخ ينطلق من آلاف الكيلو مترات إلى هدفه، وثانياً أن استعمال أراضي اليمن للعدوان على دولة ثالثة جريمة جنائية دولية توقع السعودية ضمن محاسبة مجلس الأمن، وثالثاً، وهو الأهم، وبفرض أن الهجوم حقق هدفه، وحدث تسرب من المفاعل النووي، فمن المتضرر؟ أليست المنطقة بكاملها تكون عرضة لأخطار وأمراض خطيرة، وآثار التسرب من مفاعل تشيرنوبيل الروسي ماثلة للعيان.