فالطلاب اليوم مثلا أثناء دراستهم أو بعد تخرجهم أمام ضغط نفسي وتربوي واجتماعي وأمام رغبات وتطلعات وأمنيات شخصية وأسرية تدفعهم وتُؤهلهم نحو التنازع لا التنافس، وتُشيع في نفوسهم الضغينة والكراهية والتحاسد نحو أقرانهم وزملائهم من حيث لا يشعرون بعبارات تحفيزية وسلوكية تجعلهم يُعلون من أهمية قدرهم وقدراتهم وإمكانياتهم وينظرون إلى الآخر بدونية وأنه أقل شأنا وأدنى مرتبة، وحينها يكون التصنيف والإسقاط والبحث عن المبررات أسلوبا لترضية النفس عما عجزت في الوصول إليه واستطاع الآخر التقدم فيه.
فالتنازع صفة تتغلغل في أعماق الإنسان نتيجة حبه الاستحواذ على الأشياء والسيطرة عليها واحتكارها وانفراده بها، وهذه الصفة تحتاج إلى وعي وإدراك دقيق للغاية أننا كلما اكتشفنا شيئا من أثرها حاولت التلبس والتلون بأسلوب آخر من أجل عدم القضاء عليها، ولأن التنازع يحمل في طياته صفتين مهمتين فهو حاجة ضرورية للبقاء وعامل مهم في الفناء والهلاك من خلال أدوات الصراع في التنازع نحو الوصول إلى الرغبات والسيطرة عليها.
فالمنتجات التجارية وإعلاناتها والإعلام والدراما والأندية الرياضية والانتخابات والعضويات في المجالس والمنتديات والمؤلفات والكتب والاختراعات والصناعات والاختبارات الدراسية والعمل التطوعي هي شكل جميل من أشكال التنافس بمضمون التنازع نحو الاستحواذ والسيطرة، فنحن اليوم ضحية مفاهيم خاطئة تعتمد على تغذية نزعة التنازع بأساليب ومفردات ظاهرها تنافسي وباطنها تنازعي وحتى لا ينفي أحد منا عن نفسه ما أقول عليه التدقيق والمراجعة لكافة الأساليب والمفردات والسلوكيات التي نتعامل بها مع الآخرين أو نعيشها وسوف نذهل من واقعنا الذي يعبث في تأخرنا عن ركب قيم الحضارة وتقدمها وعن التقوى ونيل مراتبها.