شخصيا أرى أهمية لتحفيز جميع أحجام المنشآت، وبمعنى آخر تحفيز فعلي للقطاع الخاص بشكل عام حتى نصل للمؤشرات المستهدفة في عام 2030م، وأرى أهمية أكبر لتواجد منشآت متطورة وكبيرة الحجم بسبب تأثيرها الفعلي ومساهمتها الأكبر في معالجة العديد من المؤشرات الاقتصادية، ولذلك لاغنى عن دعم المنشآت الأكبر حجما واحتضانها بشكل أكبر خاصة في بعض القطاعات المهمة.
مثال على ذلك، من الصعب في أي اقتصاد تحقيق تنمية متوازنة تستهدف التقدم والتطور من دون الاهتمام بالنمو الصناعي بشكل منظم ومتوازن يستند على أهداف وإستراتيجيات عملية التنمية الاقتصادية، ومن هنا نجد أن المرحلة الحالية تحتاج لتحفيز قوي للمنشآت الأكبر حجما وخاصة في القطاع الصناعي، والسبب الرئيسي لذلك هو إمكانياتها في توفير فرص وظيفية تطويرية بمسارات وظيفية واضحة، ونموها سيكون بلا شك إضافة حقيقية اقتصاديا، ومن المؤسف أن نرى خروجا لتلك المنشآت من السوق بسبب عدم التكيف مع المتغيرات التي يتم تطبيقها خاصة على سوق العمل، وأيضا من المؤسف أن لا نرى تزايدا نوعيا لتلك المنشآت، وأعتقد أننا لم نصل حتى الآن لمرحلة تحفيزية مقنعة لتلك المنشآت حتى نلمس تأثيرها.
هذا المثال لا يعني عدم النظر في القطاعات الأخرى التي تعمل بها المنشآت الأكبر حجما، فعلى سبيل المثال أثبتت الكثير من الإحصاءات أن العديد من تلك المنشآت في القطاعات الأخرى يساهم في التوظيف الفعلي للأيدي العاملة السعودية بشكل طردي عند توظيف الأيدي العاملة غير السعودية، والسبب يطول شرحه في جزء من مقال.
عملية التنمية الاقتصادية تعتمد بشكل كبير على جمع كافة إمكانيات المجتمع بما فيها من موارد وخبرات القطاعين «الخاص والعام» على أساس تكاملي وليس تنافسيا، والدور الحكومي يكمن في اتخاذ القرار ورسم السياسات، أما دور القطاع الخاص فيبرز في تنفيذ المشاريع والمشاركة في أدائها، ولكن ما يحدث في الفترة الحالية توجه غريب وغير صحي وبدأ بالازدياد تدريجيا منذ فترة، وهو مزاحمة بعض الجهات العامة لإنشاء منظمات حديثة تنافس المنشآت الأكبر حجما في القطاع الخاص.
المنشآت الكبيرة في القطاع الخاص تحتاج خلال الفترة القادمة إلى دعم حقيقي وليس تنافسا قد يضر بها ويقلص من دورها التنموي والاقتصادي المهم، فمن خلال ذلك الدعم سنجد أن العديد من القضايا الاقتصادية التي نواجهها ستتلاشى تدريجيا، وسنصل بشكل أكبر للمؤشرات المستهدفة التي تم الإعلان عنها مسبقا، ولذلك أتمنى من القطاع العام إعادة النظر بشكل أكبر في هذا الملف، وعدم الاعتماد بشكل مفرط على ممارسات «شركة أرامكو» فقط.
ختاما: دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة صحي جدا، وجذب المنشآت الأجنبية للسوق السعودي صحي جدا ويتماشى مع رؤية المملكة، ولكن الأهم هو بناء ثقة متبادلة بين القطاعين «العام والخاص» وذلك بدعم منشآت القطاع الخاص الأكبر حجما بدلا من التحجج بضعف جودتها ومخرجاتها حتى لا نصل لمرحلة نُعزي فيها أنفسنا بغياب تلك المنشآت الوطنية.