» مقايضة تاريخية
وقال أستاذ الدراسات الثقافية والدراسات الدولية بجامعة بيرزيت غسان الخطيب، في تصريح لـ «اليوم»: إن «ما يجري الآن هو مقايضة تاريخية، ستعود بسوريا إلى ما قبل الحرب الأهلية، خاصة أنه يتضمن تنازلا روسيا عن الوجود الإيراني في البلاد، مقابل موافقة إسرائيل والولايات المتحدة على استمرار بقاء نظام الأسد».
وأشار الخطيب إلى أن إسرائيل أجرت سابقا مفاوضات مع روسيا لترتيب الوضع الإيراني في سوريا، ومنذ ذلك الحين لم يعد يستفز الجانب الروسي الضربات الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية.
وبين أن إسرائيل وضعت نفسها على قدم المساواة مع القوى العظمى فيما يتعلق بإعادة ترتيب الأمور بالشرق الأوسط، ما يعكس تراجع قوى عربية وإقليمية في التوازنات بالمنطقة مقابل زيادة الثقل الإسرائيلي.
» إجلاء الإيرانيين
من جانبه، أكد الخبير بالشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب، أن إسرائيل تسعى منذ مدة لإيجاد آلية تحجم بها الوجود الإيراني في الساحة السورية، من خلال تعاونها مع روسيا والولايات المتحدة.
وأوضح أبو عرقوب أن إسرائيل تهدف إلى إجلاء القوات الإيرانية في المناطق المحاذية للجولان السوري المحتل، ووضع ضوابط للأسلحة التي تملكها القوات في تلك المنطقة، خاصة بعد أن أنهت أهدافها في سياق «الحرب الأهلية» السورية.
وبين أن هناك توافقا روسيا أمريكيا مع الهدف الإسرائيلي الذي يعد محور لقائهم الثلاثي، وفق أبو عرقوب.
وفيما يتعلق بالاتفاق بين الأطراف، حول إنهاء التواجد الإيراني مقابل الاعتراف بنظام الأسد، أوضح أبو عرقوب، أن إسرائيل من أشد المتمسكين بنظام الأسد، كما أنها لا تسعى لإخراج كافة القوات الإيرانية، بل لتحديد وجودها من خلال إجبارها على استخدام صواريخ قصيرة المدى.
» توقع الهجوم
وأضاف الخبير بالشأن الإسرائيلي: في حال أخلت إيران بهذه الشروط، فستعرض نفسها لهجوم إسرائيلي بالتنسيق مع الجهات الروسية والأمريكية المسيطرة على سوريا، بحسب أبو عرقوب.
وأشار الخبير إلى أن النظام الإيراني وأدواته خاصة «حزب الله»، هو الأضعف في هذه المعادلة، فمن الشروط الإسرائيلية أيضا منع إيران استخدام المطارات الواقعة تحت سيطرة سوريا لتهريب أسلحة لـ«حزب الله».
مبينا «أن إيران ليس لديها الكثير لتفعله، فروسيا هي صاحبة اليد الطولى في سوريا لذلك لجأت إسرائيل إليها، رغم مشاحنات حليفتها أمريكا معها».
فكلا الطرفين الروسي والأمريكي، يهدفان للحفاظ على مصالح إسرائيل الحيوية في المنطقة، من خلال تطبيق شروطها وفرض إرادتها في سوريا، كما قال أبو عرقوب.
» تراجع عربي
وفي السياق، قال المحلل السياسي خليل شاهين، إن هذا الاجتماع الثلاثي يأتي في ظل التوترات التي يشهدها الخليج والتي قد تقود المنطقة إلى حرب في الفترة المقبلة.
وأبان أن الاجتماع لا يسعى للحصول على موافقة أمريكية - إسرائيلية لإبقاء نظام الأسد مقابل إخراج القوات الإيرانية، وذلك بسبب تغير السياسة الأمريكية التي لم تعد تشترط رحيل النظام لتحسين الأوضاع في البلاد.
وأكد أن ما تدفع به روسيا، هو الحد من التوتر وتحجيم الضربات الإسرائيلية في سوريا التي استهدف بعضها الحرس الثوري الإيراني، مقابل عملية تدريجية لتقليص الوجود الإيراني تتلازم مع دعم المسار السياسي في البلاد.
ورأى شاهين، أن عقد اجتماع ثلاثي لمناقشة الأوضاع في سوريا، يعكس التراجع العربي في تحديد مصير المنطقة، مضيفا، «نحتاج لرؤية عربية لحل الخلافات في الشرق الأوسط، بعيدا عن تعظيم الدور الإسرائيلي على حساب الدول العربية».