في البداية قال القاص حسن البطران: «القصة القصيرة جدا فن مراوغ وبه تمرد تختلف درجة تمرده ومراوغته ورمزيته من مبدع لآخر، وهو فن إبداعي جديد وحديث على الساحة رغم قدمه مقارنة بالأجناس الأخرى كالرواية والشعر والقصة القصيرة، ورغم أنه كذلك إلا أن حضوره ليس ضعيفا في المجمل الإبداعي».
وأكد البطران أن هذا الفن له حضور وانتشار قوي، خصوصا بعد أن اتجه المبدعون في الأجناس الأدبية الأخرى له، وتجربة الكتابة فيه، كما أن كثيرا من معارضيه سابقا أخذوا يتناولونه، ولا تخلو وسيلة ثقافية سواء كانت ورقية أو من خلال الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل وجميع المطبوعات للقصة القصيرة إلا وفيها صفحات تفرد للقصة القصيرة جدا، بالإضافة إلى عدد من المجموعات الخاصة بها، وإن كان يحتاج إلى زيادة وتخصيص أكثر، ولا يخفى أنها أصبحت جنسا لا تخلو فعالية من تناوله بطريقة أو بأخرى.
» المنتج الأسهل
ووصف الناقد والقاص د. محمد البشير القصة القصيرة جدا بالمنتج الأسهل في زمن السرعة وقال: في هذا الوصف سلب وإيجاب، أما السلب فيقع في استسهال الكتاب لهذا الفن الأصعب، فمن المنطق أن التكثيف أصعب بكثير من الاسترسال، وهذا الأمر لا يدركه إلا كتاب القصة، أما من جاء للقصة القصيرة جدا دون أن يمر ببوابة القصة، فحتما لا يعي ذلك، لهذا ينعكس على كم القصص المنجزة دون كيف، لذلك الاشتغال على الجودة أولى من الاستسهال حد الإسهال القصصي، فالانتشار جيد من جانب لإخراج ماسة من كيس فحم، ولكن لا يصل حد البحث في الكيس دون أن تلقى ماسا، فتخرج بشحار يلطخ ذائقتك.
» فن مستورد
من جانبه ذكر القاص ناصر الحسن أن القصة القصيرة جدا هي فن حديث ومستورد، وتجربة جديدة للكاتب السعودي، فأغلب الذي كتبوا القصة القصيرة جدا أتوا من خلفيات مختلفة إما كاتب قصة قصيرة، أو شعر أو رواية أو غيرها.
وأضاف: من خلال اطلاعي على تجارب كثيرة لم أجد من يبدع في هذا الفن سوى قلة قليلة جدا، وبعضهم أساء إليه بل زاده تعقيدا من خلال المبالغة في الترميز، فأصبح إلى الأحجية أقرب، كما أن قلة الترويج له -إما لعدم الاعتراف به أو لعدم الاهتمام به من قبل الناشرين والمؤسسات الرسمية- أدى إلى عدم انتشاره وبالتالي عدم قبوله لأكبر شريحة من الناس.
» عدم تقبل
من جهته، أشار القاص حسين الأمير بقوله: إن أسباب عدم تقبل فن كتابة القصة القصيرة جدا الذي يعتبر من الفنون الحداثية تشترك مع أسباب عدم تقبل البعض لقصيدة النثر، وهي الأقدم وتتعلق بالفن الحداثي والمحافظ، أضف لها تردد البعض لقلة التجربة فيه.
وقال: سبب عدم الظهور في المشهد وبالخصوص المشهد المحلي هو عدم وجود أرضية قوية تهيئ له الانتشار، إضافة لعدم وجود المسببات التي دعت لظهوره وانتشاره في مناطق أخرى، لذلك نجد أن حضور القصة القصيرة جدا في المشاهد الثقافية عندنا نادر، فلا الظروف هيأت لبروز كاتب قصة قصيرة جدا مميز بشكل يفرض نفسه ويجذب الجمهور، ولا المتلقي وصل للمرحلة التي يبحث فيها عن هذا النوع ويستهويه.