من هنا تبدأ سلسلة الأحداث ومتعة التسلية.. اللعبة المنتطرة، (المذيع الفتك) يطرح أسئلة من غير اللائق طرحها والتي لا صلة لها بالفكر الثقافي ولا الإعلام الراقي إلا فيما يخدم الحق العام للفضيحة وإشاعة الفتن، أو الحق الخاص لتخليص معاملات عبر العلن ولكم في ذلك شواهد متناسين حق المسلم على المسلم «ألا يحقره ولا يكذبه ولا يظلمه ولا يخذله»، وبين شد وجذب يتضاعف الصراع الحواري والفكري والشخصي بين الضيف ومقدم البرامج عبر مراحل يتدرج فيها المذيع بطرح قائمة من التهم، والعيوب، والمنقود عليه، ليتم بعدها تهميش وتنقيص وتصغير الضيف ثم يحال البرنامج لحلبة صراع «الجلاد والسجين» وبعد ذلك إلى قضية هجوم إعلامي، كلاهما يتراشقان بألغاز ونعوت لا خير فيها.. من يغلب من؟! كما هو الحال في بعض برامج اليوم.
الضيف يتجرع مرار الألم والحسرة لتلبية الدعوة متوقفا حاملا أمتعته آخذا بتلابيب خطاه راحلا عائدا خائب الظن حزينا، والمذيع معلنا استياءه من سوء تصرف الضيف لعدم تحمله ما لا يطيق متخبطا في نفسه متلعثما ولسان حاله يردد (غرقتُ في وحل ما صنعت) بيد أنه يكابر!..
يتوقف البرنامج بمنحى ومحاور أخرى، ويبدأ يسقط أحد أهم أعمدة الإعلام ألا وهو الاحترام والتقدير إلى خلق الثغرات المعادية..
محاكمة الضيف بشخصنة حوارية مستفزة وإيقاعه (كبش فداء) لتحقيق رغبات في نفس المذيع على أساس «أنا يا قافطهم يا خطير» هي ليست إلا محاور رخيصة هدفها (جوع الشهرة) وإحداث الجلبة لغاية ما، والأهم إظهار وجه جديد للضيف ظانا بذلك أن هذا هو ما كان يجهله وينتظره المشاهد!!.
نعم إن عدم الحرص على انتقاء المذيع المناسب في المكان المناسب يعد إشكالية كبيرة أو عدم حرص مقدم البرامج على صناعة المحتوى «القيم» في قالب حواري اجتماعي إعلامي ثقافي بمهنية عالية واحترافية قد يضعف من قيمة المادة المعروضة، معرضا بها للنقد الساخر والتشويه ونبذها بكبسة زر أو نشرها للبت فيها وتطعيمها وتبهيرها للرأي العام.
عزيزي مقدم البرامج إن كسبت شهرتك في الظهور إعلاميا كـ (موديل للدعاية والإعلان) فهذا لا يعني أنك ستحقق نجاحا مبهرا في إخراج مادة إعلامية عالية الثقافة والمستوى والتميز.
بعض الإعلاميين هم في حاجة ماسة إلى دورات تدريبية تحديثية عن (تطوير الذات) ومعرفة كيفية صناعة مادة إعلامية ناجحة ذكية مكتملة الأركان بمعايير ناجحة وأخلاق مهنية تسمو إلى ما نرتقي به محليا وعالميا.
عزيزي مقدم البرامج تعلم أن تكون مؤثرا قبل أن تضع بصمات الشهرة الجوفاء التي لا تخدم إلا مجال التفاهة والتشهير بالتندر والسخرية على شخصيات من واقع الحياة، ضاربا بالاحترام والتقدير عرض الحائط، ناسيا القيمة التي أتيت وسعيت من أجلها على منبر الإعلام..
وكما أنك لست مؤمنا بذلك.. فالبحر خلفك والعدو أمامك.. تأملها! ولا تكن نسخة مستنسخة تقليدية مصنعة تقلد وتنتهج بخطى لا تليق بك البتة.
اقرأ، تثقف، استمع، أنصت.. فالإعلامي المتمكن الطلاب يستزيذ بفيضٍ ولا ينضب من طلب.
ختاما
الإعلام رسالة فردية اجتماعية عالمية سفيرها أنت وكن خير ممثل لبلدك، التنمر هو الوجه الأسود في الإعلام وعدو السلام، استغلال منصات الإعلام والجمهور والشهرة لتصفية الحسابات هي الهاوية ومقبرة الحمقى من أمثال المحسوبين على الإعلام من حملته والمرتزقة منهم.