شهد الأسبوع الماضي زيارة مهمة لسيدي ولي العهد -حفظه الله- لجمهورية كوريا الجنوبية والتي ترتبط مع المملكة بعلاقات دبلوماسية مميزة منذ ما يقارب 57 سنة، وتأتي تلك الزيارة تماشيا مع المتغيرات التي تشهدها المملكة في الساحة الاقتصادية وفقا لرؤيتها 2030 والتي تهتم بتعزيز الشراكات الدولية في عدة جوانب، وتعكس تلك الزيارة الرؤية الدبلوماسية السعودية العميقة التي تستهدف توطيد علاقات الصداقة مع دول مجموعة العشرين ذات الثقل الاقتصادي العالمي.
منذ تشكيل «الرؤية السعودية الكورية 2030» في عام 2017م، والتي ترتكز على تعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال تعزيز الروابط التجارية بين القطاع الخاص في البلدين، وزيادة برامج التعاون بين الحكومتين، وتوسيع نطاق التعاون المشترك بين البلدين إلى بلدان أخرى، نجد اليوم تحركا إيجابيا أكبر في نتائج العلاقة الثنائية بين الدولتين من خلال زيارة سيدي ولي العهد -حفظه الله-، ويأتي ذلك دعما للمبادرات المشتركة الأربعين التي تندرج تحت الرؤية المشتركة بين الدولتين والتي تم الإعلان عنها مسبقا وتتوزع على خمس مجموعات فرعية «الطاقة والتصنيع، البنية التحتية الذكية والتحول الرقمي، بناء القدرات، الرعاية الصحية وعلوم الحياة، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والاستثمار».
العلاقة بين المملكة وجمهورية كوريا الجنوبية إستراتيجية منذ نشأتها وتتميز بالاستقرار والثبات، وشهدت أبعادا متعددة في مجالات مختلفة «كالصحة والطب، والأمن والدفاع، وتنمية القوى البشرية، والطاقة النووية، والبنية التحتية، والاستثمار في مختلف المجالات خاصة الصناعة والتقنية»، وتُعد جمهورية كوريا الجنوبية أحد أهم 10 شركاء تجاريين للمملكة «استيرادا و تصديرا»، بالإضافة لوجود العديد من المشاريع المشتركة بين الدولتين.
بالرغم من متانة العلاقة بين المملكة وجمهورية كوريا الجنوبية بالإضافة للإمكانيات الهائلة التي تملكها كل منهما، إلا أنه مازالت هناك فرص أكبر لزيادة التبادل التجاري والاستثمار بين الدولتين لتحقيق ازدهار اقتصادي أكبر، وهذا ما لمسناه من زيارة سيدي ولي العهد -حفظه الله-، والتي جرى من خلالها استعراض للعلاقات الثنائية بين الدولتين وسبل تطويرها وتعزيزها في مختلف المجالات، وأيضا شهدت توقيع اتفاقيات مهمة خاصة في قطاع الطاقة والصناعة، مما يساهم ذلك في رفع حجم الاستثمارات المشتركة بين البلدين خلال السنوات القادمة.
كوجهة نظر شخصية لليوم وغدا والمستقبل أرى أهمية كبرى لتعزيز الشراكة الإستراتيجية السعودية باتجاه الشرق، وهذه الشراكة الإستراتيجية من المهم أن تتضمن شراكات متعددة المسارات اقتصاديا وتجاريا وعلميا، بالإضافة للشراكات السياسية المتينة، وما شاهدناه من خلال زيارات سيدي ولي العهد -حفظه الله- للشرق خلال الفترة السابقة كُشف لنا العديد من الفرص التي من المهم استثمارها لتعزيز الشراكة السعودية مع دول الشرق، والتركيز الواضح الذي شاهدناه على الشراكات الاقتصادية يثبت حكمة القيادة السعودية في بوصلة السياسة والدبلوماسية بشكل أوسع وأشمل.
ختاما: كل الشراكات الاقتصادية التي تعمل عليها المملكة دوليا «شرقا وغربا» تنعكس مباشرة بشكل إيجابي على علاقاتها السياسية دوليا، وأنا شخصيا أُشيد بجميع المنتديات الاستثمارية السعودية الدولية والتي تختص بالتعريف بالفرص الاستثمارية بين المملكة وحلفائها لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة.