واللافت في متابعة اليوم، هذا الارتباط الوثيق بعبق الماضي، من أهالي وزوار محافظة المجمعة في مشاهد الإقبال على البلدة التراثية، في واحدة من أجمل صور الوعي الثقافي حضاريًا، الذي يمثل واجهة حوار مجتمعي في جميع مناطق المملكة، متناميًا في الصعود إلى سقف الاهتمام بوجه الماضي العريق، ومع «الفيحاء» تميز آخر، فقد أصبحت البلدة التاريخية بالمجمعة مقصدًا لمحبي السياحة الثقافية، بعد تأهيل وترميم المباني القديمة التي ما زالت محتفظة برونقها التراثي، وكذلك تنظيم الرحلات وإقامة الفعاليات المتنوعة، إضافة إلى خصوصية الموقع من حيث وجود المزارع والحقول الخضراء.
فيما يرى بعض المؤرخين أن منطقة سدير شهدت تعاقب الاستيطان منذ آلاف السنين، فهناك آثار للقبور ومخلفات بشرية وآبار مدفونة وبقايا أساسات الأبنية يتكرر اكتشافها في أكوام الحجارة، وينظر إليها من جانب جدارتها في استمرار المسح وإجراء الدراسات الأثرية والتاريخية.
» إستراتيجية الموقع
وقال الباحث في مجال التراث عبدالإله الفارس: إن التطوير يشمل مراكز المدن التاريخية في جميع مناطق المملكة، حيث تقوم الهيئة العامة للسياحة والآثار، بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، بتنفيذ عدد كبير من المشاريع الشاملة، والتي تضم مجال التوثيق وأعمال الصيانة والترميم للمباني التراثية، ونظرًا لأهمية «المجمعة» في خريطة الجذب السياحي بمنطقة الرياض، فقد تسارعت خطوات الإنجاز، فهي تتمتع بالعديد من المقومات السياحية ومنها الجغرافية والتاريخية والأثرية والتراثية والثقافية والحضارية، مما أكسبها مكانة إستراتيجية، كما ساعدت الطرق السريعة التي تربطها بالمناطق، في سهولة التنقلات، بالإضافة إلى الطريق الدولي من المجمعة إلى دولة الكويت مرورًا بحفر الباطن.
» برج المرقب
وأوضح الفارس أن المجمعة تزخر بالكثير من المعالم الأثرية، وأبرزها القرية التراثية بوسط المدينة، وكذلك مرقب جبل منيخ، وهو من أقدم المباني الأثرية الباقية، وتم بناؤه قبل أكثر من ستمائة عام «830 هـ»، علمًا بأن بناء البرج الداخلي المعروف عند أهل نجد باسم «القصبة» كان قبل هذا التاريخ بزمن، مع إحاطته بسور طيني يلتف حوله على قمة الجبل.
ومن أشهر المباني التراثية في المجمعة «قصر العسكر» الذي يعود بناؤه لنحو مائتي عام، وتم ترميمه ليكون ضمن المعالم الشاهدة على فترات من الحياة في الزمن الماضي، ويقع هذا القصر التاريخي على مساحة ألفي متر مربع، وهناك أيضًا «قصر الربيعة» و«المتحف» وغيرهما من المباني الأثرية، بجانب البساتين والمتنزهات والحدائق التي تحيط المجمعة من كل جانب.