إن المقصود من الصوت التحدث عن المشكلة لإحداث التغيير الإيجابي. والجدير بالذكر أن المؤسسات تستطلع الآراء باستمرار؛ لتحسين خدمات العملاء والتجارب التي يمر بها الطلبة، وزيادة الرضا الوظيفي والإنتاجية لدى الموظفين.
هناك آليات تعتمد في الغالب على استبيانات تحفظ سرية الشخص، ويعتمد التغيير على جدية المؤسسة في التحسين ومعالجة الملاحظات.
ولكن في كثير من الأحيان لا يحتمل الأمر استبانة، بل الأنسب حوار مباشر مع مَن يعنيه الأمر. يقال إن «الحق ما ينزعل منه»، ومع ذلك نجد كلمة الحق شرارة للعداء. ففي الغالب تؤخذ على محمل الانتقاد، وتعتبر شخصية حتى عندما تكون نقدًا بنَّاءً وللصالح العام.
كيفية التلقي تعتمد بشكل كبير على نوع الرسالة وأسلوبها من ناحية، وعلى انفتاح وتقبّل الشخص الآخر
لها من ناحية أخرى.
إذن.. مَن هم هؤلاء الذين يتجرّؤون على إثارة الجدل وعكس التيار عندما يرون ويعيشون ما لا يتوافق معهم ويقررون الخروج عن الصمت؟ ينقسم الناس إلى ثلاث فئات: منهم اثنان قد يتكلمون وهم أقلية، والثالثة هي الأغلبية الصامتة.
الفئة الأولى ممن يتكلمون يجدون أنفسهم على بداية السلم الوظيفي؛ لذا فإنه لا يوجد لديهم الكثير ليفقدوه وفِي حال تحسّن حالهم؛ بسبب ملاحظاتهم، فإن استفادتهم عظيمة. أما الفئة الثانية ممن يتكلمون فهم في أعلى السلّم الوظيفي، ونجاحهم ووصولهم لهذا المركز يؤهّلهم للاختلاف دون الخوف من العواقب.
أما الغالبية العظمى فهم في الوسط، ولديهم ما يفقدونه من حيث المكانة الوسطية التي توصّلوا لها؛ لذا فإن نهجهم السائد والأضمن للمحافظة على مكانتهم ومحاولة الارتقاء هو اتباع القائد لتأكيد الانتماء للجماعة.
مكانة هذه الغالبية حَرِجة؛ كونها تتسم بانعدام الأمن، وبالتالي الخوف من إثارة الجدل من خلال الاختلاف أو الاقتراح.
ومن المعروف لدى خبراء الموارد البشرية أن أصدق الملاحظات سوف يحصلون عليها ممن استقال للتو (بشرط ألا تكون هناك مشكلة)، وذلك لأنهم أكثر الناس اطلاعًا على العمل، ولن يفقدوا شيئًا من الإفصاح عن الحق.
إن مَن يتحسّسون من كلمة الحق ينمون الخوف من الكلام، ويخلقون بيئات يكثر فيها الغدر بين الموظفين ويكافئون عليه، ولكن هذا ليس منهجنا ولا يتماشى مع طموحنا.
مملكتنا الحبيبة تستاهل أن نصدق في كل ما نؤتمن به، أينما وجدنا أنفسنا على السلم الوظيفي. قال نابليون بونابارت إن «العالم يعاني الكثير، ليس بسبب عنف الأشرار، ولكن بسبب صمت الناس الطيبين».
لذلك علينا أن نوجد مساحات آمنة لكلمات الحق دون أن يلحق الضرر بقائلها، فهي أولًا وأخيرًا تخدم الوطن وتغيّره للأفضل، إن عرفنا كيف نتعامل معها.