تعجبني الأعمال الخيرية النوعية التي تتجاوز المألوف والعادي والمكرر والسائد، لتصل إلى تلك الثغرات التي تحتاج إلى أن تُسدّ، هذا النوع من الأعمال الإنسانية هو ما أريد أن أسميه «جبر كسور النقص» والتي يُفترض أن يذهب إليها العمل الإنساني لتكون فائدته، وقيمته، ونفعه أكبر، فبناء مسجد، ومشاريع مياه السبيل أعمال خيرية مهمة، لكنها ليستْ هي الأقواس (لكل) عمل الخير، فهنالك مئات، بل آلاف الأبواب التي تحتاج أن تفتح لتصلها أيادي العطاء الطوعي والإنساني.
الذي استدعى هذه المقدمة، عمل إنساني فريد وقفتُ عليه مؤخرا، وإن لم يكن في واقع الأمر جديدا، فالعمل مرّ عليه ربما وقت طويل، لكنني لم أتعرف عليه إلا مؤخرا، عندما تنبه اثنان من المحسنين إلى معاناة بعض المواطنين من ذوي الأحوال المتواضعة والقادمين من القرى برفقة مرضاهم لمراجعة المستشفيات في إحدى المدن، في استئجار غرف أو شقق مفروشة ليكونوا بالقرب من مرضاهم، لتكفيهم عناء ومؤونة التردد اليومي، إلى أن يمن الله عليهم بالشفاء، مع ما في ذلك من أكلاف باهظة ماديا ومعنويا، فتطوع أحد الرجلين بتأمين أرض بالقرب من أحد المستشفيات، فيما تبرع الآخر ببناء وحدات سكنية عليها عبارة عن غرف مجهزة ومكيفة، بحيث يتم تخصيصها لمرافقي المرضى القادمين من خارج المدينة وبالمجان، ليكونوا بالقرب من مرضاهم طيلة تواجدهم في المستشفى، حيث تم تسليم إدارة تلك الشقق لمؤسسات الإسكان الخيري في إحدى الجمعيات.
هذا العمل في تقديري لم يذعن للأفكار السائدة للعمل الإنساني، وإنما ذهب إلى حيث الحاجة، ذهب إلى الثغرة التي تحاج إلى من يبادر ليقوم بسدها، وأنجز بالتالي عملا نوعيا لا نملك إلا أن نقف له احترامًا وتقديرًا، وأن نثمن لأصحابه حيوية الفكرة، ونباهتها، ونبوغها، بتحسس مواطن الحاجة وجبر النقص فيها، وهذا ما ينبغي أن نفعله، أو أن نوجه العمل الخيري والإنساني إليه، ليخرج من نمطيته التي أفقدته أحيانا قيمته، خاصةً حين لا يكون العائد المرجو منه موازيًا لحجم ما أنفق فيه. لذلك أعتقد أن البحث عن مواطن الحاجة وتوجيه العمل الإنساني إليها، هو ما نحن بحاجة إليه.
لاحظوا أنني لم أشر لا إلى الأسماء، ولا إلى المكان، لأن الغاية ليس الإعلان عن الأشخاص، وإنما العبرة بطبيعة المشروع، ورقي أهدافه وغاياته، وخروج الفكرة في مجملها من أطر الإنسانيات الضيقة والمغلقة إلى ذلك المدى الأوسع الذي يستوعب الكثير، ويحتاج الكثير.
هذا العمل في تقديري لم يذعن للأفكار السائدة للعمل الإنساني، وإنما ذهب إلى حيث الحاجة، ذهب إلى الثغرة التي تحاج إلى من يبادر ليقوم بسدها، وأنجز بالتالي عملا نوعيا لا نملك إلا أن نقف له احترامًا وتقديرًا، وأن نثمن لأصحابه حيوية الفكرة، ونباهتها، ونبوغها، بتحسس مواطن الحاجة وجبر النقص فيها، وهذا ما ينبغي أن نفعله، أو أن نوجه العمل الخيري والإنساني إليه، ليخرج من نمطيته التي أفقدته أحيانا قيمته، خاصةً حين لا يكون العائد المرجو منه موازيًا لحجم ما أنفق فيه. لذلك أعتقد أن البحث عن مواطن الحاجة وتوجيه العمل الإنساني إليها، هو ما نحن بحاجة إليه.
لاحظوا أنني لم أشر لا إلى الأسماء، ولا إلى المكان، لأن الغاية ليس الإعلان عن الأشخاص، وإنما العبرة بطبيعة المشروع، ورقي أهدافه وغاياته، وخروج الفكرة في مجملها من أطر الإنسانيات الضيقة والمغلقة إلى ذلك المدى الأوسع الذي يستوعب الكثير، ويحتاج الكثير.