وقد أثبتنا طوال عقود تلك الجدارة من تطوير مستويات الخدمة واضطلاع قيادة بلادنا بأمور التوسعة، والتأكد من جميع أسباب الرفاهية والراحة لزوار بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة، وكما يعرف الحج بأنه أكبر مؤتمر إسلامي، فإن المملكة وهي كبيرة هذا العالم الإسلامي لم تتوان مطلقا في تقديم أجود الخدمات، والحرص على سلامة ضيوف الرحمن وسهولة أدائهم الشعائر؟.
شرف الخدمة يشمل جميع المواطن التي يتواجد فيها الحجاج بداية من المطارات والموانئ وجميع المنافذ البرية والجوية والبحرية، وحتى مغادرتهم، وخلال ذلك تعمل الدولة منذ فترة على تشكيل لجان الأعمال التي تتناسب مع الخدمات، ويشمل ذلك استيعاب كل مواطن يحرص على شرف المشاركة في جميع المجالات الخدمية، سواء كانت طبية أو لوجستية أو في النقل والمواصلات والاتصالات، وإقامة الحجاج وأكلهم وشربهم وإرشادهم ومساعدتهم في جميع مواقعهم.
لا يمكن لأحد، كائنا من كان أن ينال من أداء المملكة وقيادتها ومواطنيها في هذه المناسبة العظيمة، والواقع خير شاهد على ذلك، حتى من قبل مواطني دول تناصب المملكة العداء، لا يمكنهم إنكار العمل المتجرد الذي يحصلون عليه بكل تفان وصدق وإخلاص من أبناء هذا البلد الطيب، والحرص على أمنهم وأمانهم وسلامتهم طوال فترة بقائهم في بلادنا.
ومع التجارب وأعمال التوسعات، اكتسبت بلادنا ومواطنوها خبرات واسعة وكبيرة في إدارة الحشود لا نظير لها في العالم، ويمكن لكل دول العالم أن تتابع حركة الحشود عبر المشاعر وفي مكة المكرمة ليقفوا على السلاسة والسهولة المذهلة في انسياب الحجاج ومرونة حركتهم بصورة دقيقة وعلى أعلى درجات الكفاءة، لذلك هذا أمر حصري لبلادنا ومواطنيها عبر الأزمان.
صدقا، لا شك في أن هناك متعة روحية عميقة في خدمة ضيوف الرحمن من شتى بقاع العالم، وفي ذلك متعة معرفية إضافية تقف على ثقافات الشعوب وسلوكياتهم ومعرفة طبائعهم وعاداتهم، كما أن ذلك فرصة تقربنا إلى هذه الشعوب التي لا يتسنى لكثير من مواطنيها زيارة بلادنا إلا في مواسم الحج والعمرة، فتجدهم أكثر ألفة وحبا وهياما في هذه البقاع التي تحتضنها بلادنا.
شرف خدمة ضيوف الرحمن لا يدانيه شرف، ويكفي أن مليكنا لقبه خادم الحرمين الشريفين، ما يجعل حسم الخدمة لصالح بلادنا بصورة قاطعة لا تلتفت لمغرض أو حاقد أو باحث عن زعزعة أمان الحجاج والمعتمرين، فهم في رحلة وجدانية وروحية يجدون خلالها أبناء بلادنا في استقبالهم لحظة وصولهم بالورود والابتسامات حتى يقضوا مناسكهم، مع حرص صادق على جميع تفاصيلهم، فيضيفون إلى تجربتهم حب أبناء بلادنا الذين خدموهم وأحسنوا وفادتهم، فكانوا عند حسن الظن بهم عناوين إنسانية وإسلامية نفتخر بها كما نفتخر بشرف هذه الخدمة العظيمة التي يسعى إليها الجميع ويتمنونها لما فيها من الأجر العظيم، وعكس الصورة الذهنية النبيلة والإنسانية لمواطني المملكة، ونسأل الله أن يتقبل حج ضيوف الرحمن وأن يعين مواطنينا في المشاعر المقدسة على خدمتهم وإكرامهم بما يستحقون.