كانت أول معرفة للمجتمع السعودي لما يسمى بالمجمعات السكنية الخاصة «الكامباوند» من خلال شركة أرامكو السعودية من بداية نشأتها. وقد كان لوجود مثل هذا النوع من السكن في تلك الفترة ضرورة وأهمية وسط بيئة عمل تحتم وجود مرافق معينة وبنية تحتية ومعدات تكون قريبة من مكان العمل. فقد كانت هناك مثلا حاجة لبناء مدرج طائرات في الظهران ومرفأ سفن في مدينة الخبر ومخازن تموينية وأماكن جاهزة لبناء بنية تحتية معقدة بدأت من الصفر وغيرها من المتطلبات. ومع الوقت تم بناء أكثر من مجمع سكني وملحقاته في الظهران ورأس تنورة وأبقيق والعثمانية والعضيلية وغيرها من مناطق العمل التي كانت فقط موجودة في المنطقة الشرقية. ولكن لم يبدأ المجتمع السعودي برؤية المجمعات السكنية الخاصة في بقية مناطق المملكة إلا بعد الطفرة الاقتصادية بداية السبعينيات الميلادية من القرن الماضي. ورغم أن هذا النوع من السكن يعتبر جيدا إذا كان خاصا بشركات كبيرة ترغب في تواجد موظفيها في محيط واحد وتقليل مدد التنقل للموظفين، إلا أن موضوع المجمعات السكنية تمدد ليكون قاطنوه من الأجانب ليكون نوعا من الرفاهية التي رأى فيها المواطن أنه يتم من خلاله عزل الأجنبي عن الحياة العامة التي يكون تأثيرها سلبيا مع مرور الوقت. بل وأصبح أحد الشروط التي يطالب بها الوافد الأجنبي هو السكن في هذه المجمعات. وهنا مكمن الخطأ والمشكلة. لأن هذا الأمر لم يكن موجودا في الماضي رغم قلة إمكانات البنية التحتية في المملكة ونوعية السكن. إذ ما زلت أذكر أنه أثناء دراستي المتوسطة والثانوية في محافظة الأحساء كان مدرسو اللغة الإنجليزية من جنسيات بريطانية ونيوزيلندية واسكتلندية وإيرلندية يسكنون في الأحياء السكنية وسط المجتمع المحلي. ولا ننسى الأجانب من الجنسيات الألمانية والسويدية التي كانت تعمل في مشاريع الصرف والري ومشاريع الطرق التي تربط المدن والذين تم استئجار بيوت لهم في بعض أحياء مدن المبرز وحي الثليثية في الهفوف. ومع ذلك كان كل شيء طبيعيا وكان اختلاطهم مع شرائح المجتمع بصورة مستمرة وكان له أثر إيجابي. إذ تعلموا الكثير من المجتمع وعن المجتمع السعودي وسط احترام متبادل بين الجميع. ولكن وفي الوقت الحالي أصبح موضوع المجمعات السكنية الخاصة ومع الوقت جزءا مؤثرا سلبيا على المجتمع في ظل وجود حوالي 12 مليون وافد ممن يعملون ويسكنون في بلادنا. وهذا النوع من السكن الذي عادة يسكنه كبار الموظفين من الأجانب يفقد المجتمع أمر التواصل خاصة مع الجنسيات الغربية التي لا تعرف عن المجتمع في وقتنا الحالي سوى من خلال الاحتكاك فترة العمل والتي من خلالها يخطئ كثيرا بالحكم على مجتمعنا.