الدور الأكبر في هذا الجانب يقع على عاتق الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، من واقع ما يمكنها تحريكه والعمل على إثرائه استثماريا وجذب رأس المال المحلي والأجنبي في هذا القطاع الواعد، ولعل آخر هذه التحركات ما تم الإعلان عنه أخيرا بإتاحة التأشيرة السياحية عبر الإنترنت لمواطني 49 دولة، فيما يمكن للسياح الآخرين التقديم في السفارات والقنصليات في الخارج.
هذه الخطوة تخدم تحقيق عدد من الأهداف الاقتصادية أولها إمكانية زيارة 64 مليون شخص بحلول عام 2022 و100 مليون زيارة سنويا بحلول عام 2030، مقارنة بنحو 40 مليون زيارة اليوم، وذلك بحسب مسؤولي الهيئة يشمل السياح المحليين والأجانب.
ولنا أن نتخيل أولا إيقاف الهدر من السياحة الخارجية لمواطنينا الذين يمكن أن يجدوا فرصا سياحية مهمة ومتطورة وثرية بالفعاليات التي تجعلهم يفضلون البقاء وصرف نفقاتهم في الداخل، أما البعد الخارجي فحين نجذب الملايين من الذين يطوفون العالم من حولنا ولا يمرون ببلادنا فإننا نستقطع حصة كبيرة من السياحة الدولية ونحولها لقيمة مضافة لاقتصادنا وتنميتنا ورفاهيتنا، فضلا عن الاحتكاك المهم والضروري بثقافات الآخرين ومعرفتهم لبلادنا بكل عظمتها وأصالتها التاريخية والحضارية.
وتلك التأشيرات شاملة لجميع الخدمات الإجرائية التي تسمح بدخول السائح، ما يعني مزيدا من الدخل في عدد من القطاعات من بينها القطاع الصحي حيث يحصل القادمون على تأمين طبي مدفوع القيمة، وبعدها يبدأ الإنفاق على بقية الخدمات ومن بينها المنشآت السياحية وما يرتبط بها من خدمات الإعاشة والنقل وغيرها، وبهذه الطريقة أعتقد أننا بدأنا المسار العملي لإدخال السياحة في الدخل الوطني والناتج المحلي الإجمالي.
في كل بلاد العالم نسبة نشاط سياحي تتفاوت بحسب الاستعداد والاستثمارات التي يتم ضخها في هذا القطاع، وحين تكون لدينا الموارد السياحية لعدة أنواع من السياحة منها الشتوية والصيفية والدينية والعلاجية، وتهيئة مواقعنا التراثية وتقديم تراثنا في جميع مناطق المملكة إلى الآخرين بصورة مشوقة وجاذبة فإن ما يتحقق من مكاسب سيفوق التصور، لذلك ينبغي أن نمضي في هذا الاتجاه إلى أن يحقق الفوائد المرجوة والمنشودة.
ولعل هيئة السياحة والتراث الوطني يمكنها تحفيز المستثمرين المحليين لبناء وتأسيس منظومة سياحية في مختلف المناطق خاصة مع وجود البنية التحتية التي تجعل هذا النشاط أكثر مواكبة وتطورا لمتطلبات السياح، ودراسة احتياجاتهم بما يجعلهم يفضلون التوجه إلى بلادنا وقضاء الأوقات فيها والتعرف على مكنونها التاريخي والحضاري والاحتكاك بالمواطنين ومعرفتهم عن قرب فلدينا عمق إنساني عظيم غير مكتشف ولم يتم التعرف عليه.
وفي الحقيقة مكاسب السياحة كثيرة ومهمة ويجب أن تسير في الاتجاه الذي يعزز حضورنا الدولي، بوصفنا شعبا حضاريا عريقا، ويملك ذخيرة متنوعة من الإرث في مختلف مناطقه بما يشجع السياح من مختلف أنحاء العالم للتوجه إلى أكثر من منطقة خلال قدومهم إلى بلادنا، فهناك الكثير الذي يمكن أن يحفزهم لاكتشافه والاستمتاع به سواء في قدومهم فرادى أم ضمن وفود سياحية يمكن الترحيب بها بأصالتنا العربية لنجعلهم أكثر ارتياحا في إقامتهم بيننا والتعرف علينا أكثر، ففي الأمر سفارة شعبية ودبلوماسية عامة لم يتم استغلالها وحان أوان ذلك.