وعبر المحتجون عن رفضهم رهن القرار العراقي لإيران أو أي دولة أخرى، رافعين لافتات تطالب برحيل رئيس الحكومة، محملين إياه مسؤولية ما تشهده البلاد، في حين انتشرت قوات خاصة لحماية مطار بغداد ومبنيي الإذاعة والتلفزيون.
وتأتي احتجاجات الأربعاء بعد المظاهرات التي شهدتها العراق الثلاثاء، وأدت إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة 250 آخرين.
» اتساع الاحتجاجات
وانتشرت الاحتجاجات بالأمس لتشمل مدنا ومحافظات أخرى مثل الأعظمية وشارع القناة وجسر ديالى وساحة الخلاني والنعيرية والزعفرانية وساحة التحرير والطيران، مع قطع طريق مطار بغداد الدولي من جهة حي البياع.
وذكرت المصادر أن المظاهرات انطلقت بعد ظهر أمس في محافظات الناصرية والنجف والسماوة وديالى وواسط والحلة في ظل انتشار غير مسبوق للقوات العراقية، حيث رافق هذه المظاهرات إحراق الإطارات وتصاعد سحب سوداء في سماء هذه المناطق.
ويؤكد المتظاهرون أنهم خرجوا ليقولوا كلمتهم في وجه الفساد المستشري في أوصال المؤسسات والمصالح الحكومية، وضد هيمنة النظام الإيراني الذي يسيطر على مفاصل الحكم والقرار العراقي، وضد الميليشيات التي تأتمر من الملالي.
» عناصر مندسة
ويقول علي المياحي أحد المتظاهرين في بغداد ويحمل شهادة البكالوريوس في الهندسة وعاطل عن العمل منذ 7 سنوات لـ«اليوم»: إن الاحتجاجات خرجت من جميع مناطق العاصمة في مظاهرة سلمية، ولفت إلى أنهم لا يريدون إلا حقوقهم وإنهاء الفساد، مشددا على أن الحكومة العراقية فاسدة وغير عادلة، وأن الحكم في العراق بالمحاصصة، وهو ما يرفضه الشعب الذي نفذ صبره.
وأكد خريج الهندسة أن الشباب المتظاهر لا ينتمي لأي حزب سياسي، مشيرا إلى وجود عناصر مندسة من الحشد الشعبي بين المحتجين.
من جهته، أصبغ نائب قائد ميليشيات الحشد الشعبي هادي العامري على المتظاهرين صفة «المرتزقة»، ما وجد استنكارا واسعا وسط الشباب.
ويصف مياحي ما يحدث من قمع للمواطنين من قبل ما يسمى بـ«الحماية الخضراء من أصحاب البدل السوداء»، قائلا: إن إطلاق النار لا يزال مستمرا، وهناك طائرات فوق المتظاهرين، وإطلاق للغاز المسيل للدموع، كما قطع الإنترنت، وحظرت مواقع التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء البلاد.
» جلسة طارئة
إلى ذلك، ترأس رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي جلسة طارئة لمجلس الأمن الوطني العراقي.
ويأتي ذلك بعد أن شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في بغداد وبعض المحافظات الأخرى حجبا من الوصول مع بطء شديد بخدمة الإنترنت، بالتزامن مع احتجاجات يشهدها العراق منذ الثلاثاء.
وتجددت صباح الأربعاء التظاهرات في مناطق شمال بغداد، فيما قطعت السلطات الأمنية عددا من الطرق الحيوية وسط العاصمة.
وفي ذي قار، أعلنت وزارة الداخلية، الأربعاء، إقالة قائد شرطة المحافظة على خلفية الاعتداء على المتظاهرين.
وذكر بيان للوزارة أن وزير الداخلية ياسين الياسري أقال قائد شرطة ذي قار اللواء حسن الزيدي من منصبه على إثر الاعتداءات الذي طالت المتظاهرين يوم أمس (أول أمس الثلاثاء).
وكان مصدر أمني بالمحافظة قد أفاد الثلاثاء، بوفاة متظاهر وإصابة اثنين آخرين إثر مواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية.
» ميليشيات إيران
من جانبه، أوضح المحلل السياسي العراقي د.عماد الدين الجبوري في حديثه لـ«اليوم» أن الشعب العراقي يئن تحت الهيمنة الإيرانية، وتابع: الفساد المريع المالي والإداري يخنق الشعب من شمال البلاد إلى جنوبه.
وأكد الجبوري أن هناك ميليشيات ترتدي الزي العسكري وتأتمر بأمر الولي الفقيه، استحدثهم رئيس الوزراء العراقي السابق إبراهيم الجعفري عام 2005 عندما دمج الجيش والشرطة، مؤكدا أن الشارع العراقي خرج للاحتجاج سلميا وهم عزل ضد السيطرة الإيرانية.
ويستطرد في حديثه قائلا: ما يحدث في العراق يفوق العقل والمنطق، لذلك سيسقط شهداء وجرحى، ويضيف آملا أن تكون هذه هي بداية لنهاية قبضة الولي الفقيه على العراق، وأن يعود لحضنه العربي.
وقال: نخشى أن يتم تسييس المظاهرات، حيث إن هناك عناصر من الحشد الشعبي تندس بين المتظاهرين وتتعامل بعنف ووحشية، واستنكر الصمت من تمادي وتمدد أذرع إيران في البلاد، مشددا على أن هذا يطرح العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام.