قبل عقد ونصف العقد من الزمن تقريباً، كنت أعيش في مدينة جنيف السويسرية، وكنت أعمل في أحد المواقع التي تمنح تأشيرات الدخول للمملكة العربية السعودية للمواطنين السويسريين، ولمن أراد وهو مقيم أو مار بالأراضي السويسرية، وتنطبق عليه الشروط الفنية حينها. وفِي صبيحة يوم شتوي بامتياز، لا يخلو من الغيوم التي تحجب أشعة الشمس تماماً، ويكثر فيه هطول المطر، أخبرني حراس الأمن بأن هناك مواطنا يفضّل اللقاء بالمسؤولين في مكاتبهم بدل مقابلة الموظفين، الذين يستقبلون الطلبات من المراجعين من النوافذ المخصصة لذلك في صالة استقبال الطلبات، التي تبدأ عملها منذ الساعة الثامنة حتى الثانية عشرة، منتصف النهار، وما تبقى من الوقت حتى تمام الثالثة كان لتسليم الجوازات، والأوراق الأخرى للمراجعين.
سألت عن الشخص، الذي يود مقابلتي ما هو موضوعه بالضبط، فعرفت أنه قادم بشأن البحث عن تأشيرة تمكنه من الدخول للأراضي السعودية، حيث ينوي الإقامة بصورة متقطعة ما أمكن في المدينة المنورة! ويريد بحث هذا الأمر مع المسؤولين المختصين. المفيد رأيت أن من واجبي الاستماع للرجل كمراجع، كما رأيت أنه من المستحسن تبيان أنواع التأشيرات، التي دأبت السلطات السعودية في الخارج منحها للناس، والتي للأسف ليس من بينها تأشيرة إقامة غير منتظمة كما يطلب هذا المراجع.
استقبلت الرجل في مكتبي بعد أن تمت له الإجراءات المعتادة لدخول الضيوف، واتضح لي أن الرجل شاب في الثالثة والثلاثين من عمره، ينحدر من أسرة سويسرية من القطاع الألماني وهو مسلم منذ بضع سنوات ومتزوج من سيدة عربية من إحدى بلدان المغرب العربي ولديه ثلاث بنات يقوم هو على تربيتهن بعد أن تخلت له الزوجة عن حضانتهن. ونظرا لهذه التطورات الأسرية، التي يمر بها فإنه يفكر وبشكل جاد في الانتقال للعيش ببناته الثلاث في المدينة المنورة، بحثا عن الراحة النفسية وبحثا عن بيئة إسلامية محافظة يأمن فيها على سلامة البنات من الانزلاق في أي محظور، أخلاقي، أو تربوي. الرجل كان صريحا، ومباشرا وفِي تقديري حينها أنه لم يُخف عني شيئا. الأهم من ذلك أني لمست لدى الرجل عاطفة صادقة للهرب ببناته المسلمات إلى بيئة غير البيئة الأوروبية المتفتحة جداً. ولكن كان لزاماً عليّ أن أعرض له الموجود على أرض الواقع وهو أن المتوافر له ولبناته تأشيرة حج أو تأشيرة عمرة، ويمكنه كشخص استصدار تأشيرة عمل تجارية إذا كان مستثمرا أو رجل أعمال له علاقة بشريك تجاري سعودي، المفيد أن التأشيرة التي في ذهنه ليست متوافرة، ولا يتم التعاطي معها. والإقامة محدودة في الأراضي السعودية بإنجاز الغرض من الزيارة. الرجل تفهم ما قلت له، واستأذن منصرفا ليفكر في الخيار الأنسب له من بين خيارات التأشيرة المتاحة. لو عاد بي وبأحمد السويسري الزمان مجددا لأصبح لدينا خيار جديد يسمى التأشيرة السياحية فلربما وجد فيها الرجل حلاً ولو جزئيا لمشكلته العائلية، ولربما تمكن من السياحة في المدينة المنورة لشهر أو لشهرين في السنة على أقل تقدير بحسب ظروفه. وبالمناسبة فالتأشيرة السياحية وبحسب ما توافر من معلومات عنها حتى الآن تتيح لما يقرب من 49 جنسية عالمية الدخول للأراضي السعودية ومدتها عام كامل، وأطول مدة يستمر فيها السائح بالمكوث المتواصل على التراب السعودي مدة 90 يوما. هذه التأشيرة في بعدها العملي تحمل رمزية أخرى هي الدلالة الثقافية والسياحية، التي تستعد مدن ومناطق المملكة لإبرازها كوجه آخر للسعودية، التي ترحب بالعالم، بل وتفتح له ذراعيها بالسياحة، والثقافة، والتقاليد العربية الأصيلة. ومن المهم والمفيد التذكر دائما أن تقديم بعض الأعمال، والخدمات للآخرين في الغالب لا يكون عملاً منفصلا بذاته، أنما ترتبط به قيم ومفاهيم وأسس منها السياسي والاقتصادي، والثقافي.
استقبلت الرجل في مكتبي بعد أن تمت له الإجراءات المعتادة لدخول الضيوف، واتضح لي أن الرجل شاب في الثالثة والثلاثين من عمره، ينحدر من أسرة سويسرية من القطاع الألماني وهو مسلم منذ بضع سنوات ومتزوج من سيدة عربية من إحدى بلدان المغرب العربي ولديه ثلاث بنات يقوم هو على تربيتهن بعد أن تخلت له الزوجة عن حضانتهن. ونظرا لهذه التطورات الأسرية، التي يمر بها فإنه يفكر وبشكل جاد في الانتقال للعيش ببناته الثلاث في المدينة المنورة، بحثا عن الراحة النفسية وبحثا عن بيئة إسلامية محافظة يأمن فيها على سلامة البنات من الانزلاق في أي محظور، أخلاقي، أو تربوي. الرجل كان صريحا، ومباشرا وفِي تقديري حينها أنه لم يُخف عني شيئا. الأهم من ذلك أني لمست لدى الرجل عاطفة صادقة للهرب ببناته المسلمات إلى بيئة غير البيئة الأوروبية المتفتحة جداً. ولكن كان لزاماً عليّ أن أعرض له الموجود على أرض الواقع وهو أن المتوافر له ولبناته تأشيرة حج أو تأشيرة عمرة، ويمكنه كشخص استصدار تأشيرة عمل تجارية إذا كان مستثمرا أو رجل أعمال له علاقة بشريك تجاري سعودي، المفيد أن التأشيرة التي في ذهنه ليست متوافرة، ولا يتم التعاطي معها. والإقامة محدودة في الأراضي السعودية بإنجاز الغرض من الزيارة. الرجل تفهم ما قلت له، واستأذن منصرفا ليفكر في الخيار الأنسب له من بين خيارات التأشيرة المتاحة. لو عاد بي وبأحمد السويسري الزمان مجددا لأصبح لدينا خيار جديد يسمى التأشيرة السياحية فلربما وجد فيها الرجل حلاً ولو جزئيا لمشكلته العائلية، ولربما تمكن من السياحة في المدينة المنورة لشهر أو لشهرين في السنة على أقل تقدير بحسب ظروفه. وبالمناسبة فالتأشيرة السياحية وبحسب ما توافر من معلومات عنها حتى الآن تتيح لما يقرب من 49 جنسية عالمية الدخول للأراضي السعودية ومدتها عام كامل، وأطول مدة يستمر فيها السائح بالمكوث المتواصل على التراب السعودي مدة 90 يوما. هذه التأشيرة في بعدها العملي تحمل رمزية أخرى هي الدلالة الثقافية والسياحية، التي تستعد مدن ومناطق المملكة لإبرازها كوجه آخر للسعودية، التي ترحب بالعالم، بل وتفتح له ذراعيها بالسياحة، والثقافة، والتقاليد العربية الأصيلة. ومن المهم والمفيد التذكر دائما أن تقديم بعض الأعمال، والخدمات للآخرين في الغالب لا يكون عملاً منفصلا بذاته، أنما ترتبط به قيم ومفاهيم وأسس منها السياسي والاقتصادي، والثقافي.