يوجد في المملكة مئات العيون التي يقصدها الأهالي للتنزه والاستمتاع وقضاء الوقت بين خرير الماء والمناظر الخلابة التي تسحر الألباب ممزوجة بروعة الصحراء وسحر المكان، فلا أروع -وبالذات- للسائح الأجنبي من رؤية عيون الماء وسط الكثبان الرملية أو بين الصخور الملساء التي تبعث سحرا آخر لم يألفه القادم من وسط الطبيعة الخضراء والغابات -وللحق- فإن السائح الأجنبي عندما يأتي إلى هنا يجذبه شيء مختلف عن الموجود لديه ونحن بحكم توجه المملكة إلى السياحة بكافة أشكالها لدينا الغريب والمختلف الذي يمكن أن نقدمه ونجذب السائح الأجنبي بشكل جميل وملفت، ولست هنا للحديث عن مكامن الجمال في سياحتنا المتعددة، ولكن سأتحدث عن جزء واحد فقط منها وهو السياحة العلاجية التي تتوافر لدينا من خلال عشرات العيون الحارة المشهورة بفوائدها الطبية وما تشتمل عليه من مكونات يندر أن تجدها في مواقع أخرى.
يتميز باطن الأرض بالحرارة العالية والمعادن المختلفة التي تتكون في الصخور، ويعتبر باطن الأرض مستودعا للمياه الجوفية العذبة التي يشرب منها الإنسان، ومصدرا للمياه الحارة التي تتدفق عبر شقوق الصخور على هيئة عيون، ونظرا لفوائد المياه الحارة لجسم الإنسان والتي أثبتها الطب فقد لاقت اهتماما كبيرا، وأصبحت مقصدا للسياحة العلاجية وتدر الكثير من الأموال على الدول التي تتبنى مثل تلك الأنواع من السياحة، ولذلك تقوم الكثير من الدول بعمل البنية التحتية اللازمة حول الينابيع والعيون الحارة؛ لجذب السياح، ومن أشهر الدول في الينابيع الحارة «اليابان» وبالذات ينابيع «أونسن» التي يقصدها آلاف الزوار سنويا بقصد الاستشفاء لما لهذه العيون من خصائص لا تتوافر في غيرها، فهي تعالج العديد من الأمراض مثل: مكافحة أمراض القلب، استرخاء عضلات الجسم، علاج أمراض المفاصل والروماتيزم، علاج هشاشة العظام، تقوية مناعة جسم الإنسان وغيرها.
يذهب آلاف السياح السعوديين سنويا لبعض الدول المشهورة بالعيون الحارة ويقضون هناك وقتا كبيرا وينفقون أموالا طائلة بهدف الحصول على هذا النوع من السياحة برغم وجوده داخليا ولكن لم نعطه حقه من الاهتمام اللازم.
من أبرز العيون في المملكة: عين «جبل ليبيا» التي تبلغ درجة حرارة مياهها 44 درجة مئوية. وتقع عند وادي دغبج شرق قرية الحريضة على الطريق الدولي بين مكة واليمن -جدة - جازان- وتحتضن جازان أيضا عين «روان العبيد» الحارة، والتي تبلغ درجة حرارتها 58 درجة مئوية، تقع في وادي جازان شمال شرقي منطقة أبو عريش، إضافة إلى عين «بني مالك» التي تصل درجة حرارة مياهها إلى 43 مئوية، وتقع على وادي ضمد، وتبلغ درجة حرارة مياه عين «وادي خلب» الواقعة في منطقة قامزة التابعة لمحافظة أحد المسارحة في جازان 69 درجة مئوية.
وتضم محافظة الليث في منطقة مكة المكرمة عين «عميقة»، وهي نبع للمياه الحارة من بين الصخور، تبلغ درجة حرارتها 80 درجة مئوية وغيرها الكثير من الكنوز التي لم نعطها حقها من الاهتمام لتصبح مزارا سياحيا وجذبا يحمل اسم المملكة عاليا في سماء السياحة العلاجية.. فهل تحقق هيئة السياحة ذلك؟.