دخلت لائحة الذوق العام خلال الأسبوع الماضي حيز التنفيذ وهي لائحة تشمل العديد من الأفعال والأعمال والتصرفات، التي كان الكثيرون منا يزعجهم مشاهدة ارتكابها، وبذلك تكون اللائحة قد استجابت لشكواهم ومما يضايقهم من هذه التصرفات. وقد شملت اللائحة تسع عشرة مخالفة يعاقب من يفعل أيًا منها بغرامات مالية تصل في أقصاها إلى ثلاثة آلاف ريال، ومن هذه المخالفات ارتداء الملابس غير اللائقة في الأماكن العامة أو ارتياد هذه الأماكن بملابس النوم والملابس الداخلية أو ملابس تحمل عبارات وصورا أو أشكالا تخدش الحياء العام أو توحي بإيحاءات عنصرية أو تثير النعرات أو تروج للإباحية، وكذلك وضع الملصقات وتوزيع النشرات التجارية في الأماكن العامة دون ترخيص، وإشعال النار في المتنزهات والشواطئ والأماكن العامة، والتلفظ بقول أو القيام بفعل فيه إيذاء أو إخافة أو إزعاج لمن يرتاد هذه الأماكن أو تعريضهم للخطر، ومنها أيضاً تخطي طوابير الانتظار لغير الحالات المستثناة، التي تحددها الجهات المعنية، وكذلك تصوير الأشخاص بشكل مباشر دون استئذانهم وتصوير الحوادث الجنائية والمرورية دون الحصول على إذن، وهذه المخالفات ومخالفات أخرى حددتها اللائحة أو تشملها طالما كانت محل شكوى المواطن والمقيم، بل كثيراً ما سبب انتقاد القائمين بها مشاكل واحتكاكات، لأن من يمارسونها لا يرون لأحد الحق في انتقادهم، فكم مشكلة حدثت حين يحتج أحد على من يترك صوت المذياع في سيارته على أعلى الدرجات فيسبب الأذى والإزعاج لغيره ثم هو يتمادى في الإساءة إذا طلب منه أحدهم أن يخفض هذا الصوت قليلاً، وكم تحدى بعض الذين يتجاوزون طوابير الاصطفاف في إدارات الخدمات أو حتى في الأماكن العامة والأسواق من لفت انتباههم لالتزام الدور وعدم تجاوز من أمامهم حتى غدا بعض العقلاء يتحملون هذه الحماقات من أصحابها تجنباً للدخول في مشاكل أكبر، وكم تعدى بعضهم على المقاعد والمواقف المخصصة لكبار السن رغم وجود اللوحات والإشارات، التي تفيد بتخصيصها لأصحابها؟.. لذلك كله يُدرك ببساطة أن اللائحة هي دعوة للعودة إلى أخلاق الماضي القريب حين كانت تربية الفرد في مجتمعنا تردعه عن مثل هذه الممارسات، فمن كان يجرؤ أن يخرج إلى الأماكن العامة بملابس غير محتشمة؟.. ومن كان يجرؤ أن يتلفظ بألفاظ نابية أو عبارات أو حركات خادشة للحياء؟.. ومن يسمح لنفسه أن يترك لصوت المذياع العنان على آخره ليزعج الناس، وغيرها من الأعمال التي تقتضي تربيتنا الإسلامية وأخلاقنا الابتعاد عنها. ولذلك فإن كون هذه اللائحة تأتي بمبادرة من بعض أبناء الوطن، بل أبناء المنطقة الشرقية، الذين تنادوا قبل أكثر من ستة أعوام للدعوة إلى منطقة خالية من الأفعال والألفاظ والمناظر المخلة بالآداب وانبثق عن لقائهم فريق يعني بالتوعية بآداب الذوق العام وأهمية الالتزام بها، ثم انتقل الموضوع ليبحث تحت قبة مجلس الشورى، حيث حظي بموافقة المجلس عليه، وتصدر من خلال «لائحة الذوق العام»، التي احتضنها وتبناها صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية وتابع جميع خطوات إقرارها حتى صدور قرار مجلس الوزراء، الذي أوكل لوزارة الداخلية وهيئة السياحة تنظيم هذه اللائحة ومتابعة تنفيذها.. ولعل الطريقة التي خرجت بها هذه اللائحة إلى حيز الوجود بدءاً من نشأتها فكرة إبداعية من عدد من المواطنين الغيورين، ثم إقرار الفكرة من مجلس الشورى وتبنيها ورعايتها من ولاة الأمر وصولاً إلى بدء تنفيذ أحكامها يعطي مثالاً يشجع أبناء الوطن على التقدم بالآراء والمقترحات والأفكار الرائدة، التي تلقى من الدولة الدعم والمساندة والاستجابة وصولاً لتحقيق جودة الحياة، التي أكدتها رؤية المملكة 2030.