هذه الكيانات الثلاثة تم فرض العقوبات عليها بداعي توفير المال لإرهاب الدولة الإيرانية وأذرعها الإرهابية في المنطقة. حيث قدمت هذه الكيانات مليارات الدولارات لـ(الحرس الثوري) و(فيلق القدس) التابع له والمكلف بالعمليات الخارجية ووكيله (حزب الله اللبناني) الذي أقر أكثر من مرة وعلى لسان أمينه العام أن كافة أمواله وأسلحته تأتي من إيران. فخلال خطاب ألقاه الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بمناسبة مقتل قائده العسكري مصطفى بدر الدين في سوريا في 24 يونيو 2016، ذكر بحسب تعبيره «نحن وعلى المكشوف وعلى رأس السطح نقول موازنة حزب الله ومعاشاته ومصاريفه وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران». وهذه الكيانات الثلاثة الاخيرة (الحرس الثوري وفيلق القدس وحزب الله اللبناني) تم تصنيفها منظمات ارهابية من قبل واشنطن. فقد قام البنك المركزي خلال عام 2018 وأوائل عام 2019، بتسهيل تحويل عدة مليارات من الدولارات الأمريكية واليورو إلى الحرس الثوري الإيراني و(فيلق القدس)، ومئات الملايين إلى الميليشيات الحوثية بحسب صحيفة الشرق الأوسط.
أما صندوق التنمية الوطني، وهو (صندوق الثروة السيادي)، الذي تأسس وفقا للمادة 84 من خطة التنمية الخامسة لجمهورية إيران في عام 2011 لخدمة رفاهية الشعب الإيراني، من خلال تخصيص الإيرادات التي نشأت من بيع النفط والغاز ومكثفات الغاز والمنتجات النفطية إلى ثروة دائمة ومثمرة واستثمارات اقتصادية، والذي أصبح تتراوح قيمته ما بين 80 و100 مليار دولار أمريكي، إضافة إلى مبالغ أخرى ضخمة مودعة في حسابات مصرفية حول العالم، فقد كان مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية والتمويل لصالح (الحرس الثوري) وأجندته الإقليمية ووزارة الدفاع ولوجستيات القوات المسلحة. فقد تم استخدامه كصندوق للحرس الثوري الإيراني وقوة القدس، وتلقى لسنوات مئات الملايين من الدولارات من المدفوعات النقدية. فبحسب تقرير استقصائي أعده مركز الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكي FDD، عن الأوضاع المالية للنظام الإيراني الذي يخضع لعقوبات متوسعة، أن صندوق التنمية الوطني تراجعت موجوداته بشكل كبير في أعقاب سلسلة من السحوبات على مدى 18 شهرًا اضطر لها النظام الإيراني؛ لتمويل أنشطة ميليشياته الخارجية، ولمواجهة الالتزامات الداخلية تحت ضغط تجفيف العوائد النفطية.
أما شركة اعتماد تجارتي - بارس، وهي مؤسسة تسيطر عليها الحكومة، وتتخذ من إيران مقراً لها، فقد استخدمت لإخفاء التحويلات المالية للمشتريات العسكرية، بما في ذلك الأموال القادمة من صندوق التنمية. فابتداء من 2019، خططت الشركة لإرسال عشرات الملايين من العملات المختلفة، بما في ذلك اليورو، إلى شركات واجهة، وسفارة إيران في موسكو، وروسيا، والشركات نيابة عن القوات العسكرية.
خطورة هذه العقوبات على هذه الكيانات الثلاث والتي تمثل النظام المصرفي الرسمي لإيران أنها تضرب آخر ما تبقى من علاقات إيران مع الأسواق المالية والتجارية من خلال تجميد كافة الأصول والموجودات للمؤسسات الإيرانية المستهدفة داخل الولايات المتحدة. كما تُحرم الإدارة الأمريكية على الأشخاص أو البنوك أو الشركات أو المؤسسات المالية، المتمركزة مقراتها في الولايات المتحدة، التعامل مع هذه الكيانات الإيرانية الثلاثة. وأخيرا سوف تدفع المؤسسات المالية الأجنبية إلى تجميد حسابات إيران ومنع من التصرف بهذه الأموال وإلا واجهت هذه المؤسسات خطر التعرض لعقوبات أمريكية، بما يعنيه ذلك من إضعاف قدرة إيران على التعامل مع المؤسسات والمصارف الدولية العالمية. وبالتالي سوف يعمق من أزمة إيران الاقتصادية وذلك بعد أيام قليلة من ضرب صادرات النفط الإيرانية، التي تراجعت إلى مستوى غير مسبوق خلال الأشهر الأخيرة. لكن السؤال هل هذا كاف في دفع إيران إلى التخلي عن برامجها الصاروخية والنووية والحد من تدخلاتها في الصراعات الإقليمية؟.