ولعل بعضكم سوف يتساءل أيضا ما علاقتي بهذا اليوم العالمي؟ وأليس الاهتمام بالمدن والقرى سواء على مستوى البنية التحتية والبيئية والصحية هو من شأن القطاع العام؟ والجواب نعم، ولكن نحن أيضا كأفراد علينا واجب نؤديه في المحافظة عليها وعلى مواردها.
ويمكن أن نتعرف على بعض أدوارنا الفردية والتي هي مع بعضها البعض تصبح ذات شأن في الحفاظ على مدننا وقرنا لتكون بمستوى راقٍ وصحي وبيئي. فكل واحد منا له دور مهما كانت الخطوة صغيرة. ولذلك جاءت كلمة الأمين العام لهيئة الأمم في هذا الشأن وبمناسبة هذا اليوم حيث قال: «يبدأ الحل من الخطوات الصغيرة التي باستطاعة الأفراد اتخاذها لتغيير الطريقة التي تعمل بها مدننا. فيجب علينا أن نخفض كمية النفايات التي ننتجها وأن نبدأ، في الوقت نفسه، في النظر إليها باعتبارها موردا قيما يمكن إعادة استخدامه وتدويره لأغراض من بينها توليد الطاقة».
وجاء موضوع عام 2019م حول: «التكنولوجيا الحدودية كأداة مبتكرة لتحويل النفايات إلى ثروة». فهل تعلمون كم حجم النفايات حول العالم؟. فبحسب «صحيفة اليوم: 7 أغسطس 2019م» هناك 1.8 مليار«ألف مليون» من النفايات الصلبة ينتجها البشر سنويا!. وبحسب جريدة الوطن «27 أغسطس 2018م» فالسعودية تأتي في المرتبة الثانية في الخليج في كمية النفايات اليومية للفرد. ولو تساءلنا على المستقبل، فإن العالم ككل إذا لم يأخذ المسألة على محمل الجد، فسوف تصل النفايات الصلبة المتوقعة سنويا إلى 3.1 مليار طن!!.
وبناء على الأرقام التي ذكرت لا يمكن أن يقول الواحد منا «أنا ليس لي علاقة بالموضوع!!» أو هل دوري سيغير شيئا في المعضلة؟ فالكل له دور مهما كان صغيرا، والواحد جزء من الكل؛ لأن قضية النفايات بأنواعها أصبحت كالقنبلة الموقوتة التي تلوث العالم بشكل متسارع. فعلى سبيل المثال: رمي النفايات في غير المكان المخصص لها هو مسؤوليتنا كأفراد «وهو الآن مخالفة للذوق العام»، ورمي الأشياء من خلال نافذة السيارة هو مسؤوليتنا، والاهتمام باستخدام واقتناء أكياس بلاستيك صديقة للبيئة «التي تتحلل مع التربة» هو مسؤوليتنا كأفراد. فرز النفايات «كورق وصحف، كفلزات»معادن«، كزجاج، كلدائن بلاستيك» هو جزء من مسؤوليتنا أيضا كأفراد. وحاويات الفرز هي متوفرة في عدة أماكن، بل الأدهى أنها قد تكون قريبة منا ونتكاسل أو نتجاهل الفكرة كأنها لا تعنينا!. ثم يأتي البعض يتحدث لماذا تتغير الأجواء المناخية في مناطق مختلفة من العالم؟ بكثرة الغبار والأتربة أو التصحر أو موجات الحر غير المعتادة أو ذوبان الجليد وغيرها من التغيرات المناخية الأخرى، والتي تأتي كنتيجة تراكمية للإهمال والاستهلاك الجائر والجشع من قبل الإنسان للموارد الطبيعية، أي بوضوح قل هو من عند أنفسنا!.
ولو تأملنا القضية من ناحية دينية ووطنية وأخلاقية، فكلها تحثنا على أن نرتقي ونتحمل المسؤولية تجاه المدن والقرى التي عشنا وترعرعنا فيها، وهي كمجموع تمثل الوطن الذي نعيش فيه. والمسألة لا تحتاج إلى جهد كبير منا كأفراد، بل هي قضية وعي وقليل من العمل، ويضاف إليها الإحساس بالمسؤولية.
وبصراحة أكثر تعودنا على أن ننتقد الآخرين سواء كان ذلك للقطاع العام أو الخاص، ولكن في الحقيقة ما هو دورنا كأفراد للمحافظة والرقي بالمدن والقرى التي نعيش فيها؟! فإذا كان البعض منا لا يهتم حتى للنفايات الخاصة ببيته أو تلك التي يتركها منتشرة بشكل بشع خلال نزهته البرية أو على الشواطئ أو في الحدائق العامة لتشوه وتضر الطبيعة والبيئة، وتقزز المنظر، بل حتى أبسط قضية وهي «إماطة الأذى عن الطريق» ليست من أدنى اهتماماتنا؟!