قد يقول قائل ولكنها كلمة عابرة لا أثر لها، ولكن الكلمات هذه عندما تتكرر ولو كانت قليلة فإنها تشكل عقيدة عند الطفل، ثم إن الطفل يرى والديه هما القدوة وكل ما يقولانه أو يفعلانه هو الصواب والصحيح، ولكن المشكلة في حالة لو تعرض أحد الوالدين لمصيبة أو ابتلاء أو كانا يخططان لشيء وحصل خلاف تخطيطهما، فعليهما في هذه الحالة أن يرددا كلمات تثبت العقيدة والإيمان مثل (الخير فيما اختاره الله) أو (الحمد لله على كل حال) أو (الله أعرف بما ينفعني) أو (إن الله إن أعطاك أغناك وإن منعك أرضاك)، فمثل هذه العبارات تزيد من إيمان الطفل بالقضاء والقدر خيره وشره وتثبت عقيدته.
والأمر الآخر هو التفسير الخاطئ للآباء والأمهات لسلوكيات مخالفة لأمر الله تعالى، ولكن الوالدين يبرران هذا التصرف بطريقة خاطئة فيتربى الطفل على التناقض الإيماني بين ما تعلم وما شاهد، مثل أن يكون الأب شاربا للخمر أو يتعامل بالربا أو يكذب ويفسر تصرفاته هذه بطريقة خاطئة، كأن يقول بالنسبة للخمر أن الخمر اليوم يختلف عن الخمر الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أن يقول إن كل الناس تتعامل بالربا فلماذا لا أتعامل به، أو يقول إن الذي كذبت عليه هو كذب علي من قبل، وهذه كلها تفسيرات لو سمعها الطفل فإنها تزعزع الإيمان عنده؛ لأنها تبريرات غير منطقية ومخالفة لأوامر الله.
أو لو كانت أمه غير محجبة وتردد على من ينتقدها بأن أهم شيء الأخلاق، ويكفيها أن قلبها طيب وأخلاقها حسنة، فإن الطفل إذا سمع مثل هذه العبارات كذلك تزعزع إيمانه؛ لأنه يتلقى معلومات غير صحيحة، والصواب عندما يرتكب أحد الوالدين خطأ يغضب الله ورسوله أو معصية تخالف ما جاء بالقرآن والسنة أو أن يكون مقصرا، فالصواب أن يعترف بتقصيره بتطبيق أوامر ربه حتى يتربى طفله على الصدق، فيقول الأب مثلا نعم أنا مقصر في حق الله؛ لأني أشرب الخمر أو لأني أتعامل بالربا أو لأني كذبت وإن شاء الله لا أكرر الخطأ مرة أخرى، أو تقول الأم نعم أنا مقصرة في حق الله بسبب كشف شعري وعدم الحجاب، فالطفل يتعلم من هذه العبارات أن والده أو والدته مقصران في حق الله فيتلقى المعلومة الصحيحة من غير تشويه في الدين، ومن غير زعزعة بالإيمان بدل أن نعطيه تبريرا أقبح من الذنب، فيتربى على التحايل على الله ورسوله إذا كبر وخالف أمرهما.
إن للكلمة أثرا عظيما على تربية الطفل، فالكلمة هي أساس التربية؛ لأن التربية إما بالكلام أو بالأفعال، والكلام حوار لفظي والأفعال حوار غير لفظي، فنحرص على الكلمة الطيبة؛ لأن الكلمة الطيبة صدقة، والكلمة الطيبة تساوي تربية طيبة، أما الكلمة السيئة فإنها تساوي تربية سيئة.