لم يعد هناك متسع من القدرة على القيام ببعض الممارسات غير اللائقة في الأماكن العامة من أولئك الذين يمارسونها بحجة «الحرية الشخصية» كما كان في السابق، إذ إن دخول لائحة الذوق العام حيز التنفيذ في المملكة من خلال تتبع رصد 19 مخالفة بغرامات مالية تصل إلى ما يقارب 3000 ريال، قد يساهم في رفع مستوى الوعي بالأثر المعنوي والمادي عند اختراق الذوق العام، ويحد من التلوث البصري والسمعي الذي قد يعكس المظهر الخارجي للبلد في الوقت الذي نرحب فيه بالعالم من خلال فتح باب السياحة الداخلية والعمل على رسم صورة ذهنية مشرفة للسائح عن المملكة، إذ لا تقتصر على المناطق التي قام بزيارتها أو الإرث الحضاري الذي رصده بل كذلك على تلك السلوكيات والآداب الاجتماعية التي ألتمسها من أهل البلد.
يعتبر تطبيق لائحة الذوق العام في الأماكن العامة بمثابة امتداد خارجي لتلك التربية التي يعمل عليها الآباء داخل المنزل، وتوثيق للكثير من تعاليم ديننا الإسلامي الذي يعتبر عامود الارتكاز في النهج القائم، إذ إنه طالما نص على احترام الآخر واللباقة والمظهر الحسن، مما يجعلنا نُدهش من بعض الاختراقات السلوكية التي لا تعتمد على سن معينة أو فئة معينة ولكنها كانت على خلاف مع السلوك السوي الذي يمقت التصرفات الخادشة للحياء أو إثارة النعرات أو الظهور بمظهر غير لائق، أو التصرف مع الآخرين بشكل أجزم بأن من يقوم به لن يرضى عن نفسه بذلك تحت أي ظرف.
من البوادر الطيبة والمهمة التي قامت بها وزارة التعليم أن دعمت سلوكيات الذوق العام من خلال ضمها في المناهج والأنشطة الطلابية، مما قد يساهم في ضبط علاقة الطالب مع ذاته ومن ثم مع مجتمعه، ويعمل على تأسيس قاعدة متينة من الثقافة العامة التي تحترم الذوق العام قبل أن تقوم بتطبيقه، مما يجعل عملية التطبيق بعد ذلك تكون بدافع الرغبة في الحصول على بيئة صحية أكثر من أن تكون خوفا من العقاب.
من الغريب والمؤسف أن البعض ممن يجيد انتهاك الذوق العام في بلده، يمتنع عن ذلك كليا عندما يسافر إلى بلد آخر، فنجده ينفض غبار الرجعية الأخلاقية ويمتطي أرقى الأساليب وأفضل الممارسات حتى وإن لم يكن يعلم بقوانين وأنظمة تلك الدولة، مما يجعلنا نوقن بأن الجميع يعي ويفرق بين السلوك الجيد وغير الجيد، ويدرك نوعية تلك التصرفات التي يقوم بها وتحت أي بند يتم إدراجها، فلماذا يُخرج البعض أفضل ما لديه في الخارج ويبخل بذلك على بلده ومجتمعه!، والأدهى من ذلك أنه عندما يعود إلى الوطن يمجد ويمتدح التنظيم والممارسات التي شاهدها خلال سفره وينتقد الفوضوية واللاأخلاقية التي يزعم بأنه يعاني منها كلما عاد!
من البوادر الطيبة والمهمة التي قامت بها وزارة التعليم أن دعمت سلوكيات الذوق العام من خلال ضمها في المناهج والأنشطة الطلابية، مما قد يساهم في ضبط علاقة الطالب مع ذاته ومن ثم مع مجتمعه، ويعمل على تأسيس قاعدة متينة من الثقافة العامة التي تحترم الذوق العام قبل أن تقوم بتطبيقه، مما يجعل عملية التطبيق بعد ذلك تكون بدافع الرغبة في الحصول على بيئة صحية أكثر من أن تكون خوفا من العقاب.