أعيد التذكير بأهمية الاستحواذ والاندماج بين شركات قطاع المقاولات في المملكة، لأن الاندماج يضيف لها قوة تآزرية تساعدها على تحقيق الأهداف التي أسست من أجلها ولا أقف عند هذا المطلب، بل أرى أهمية ثقافة استحواذ الشركات الكبيرة على الشركات الصغيرة التي لا تستطيع النمو الذاتي من النواحي المالية والإدارية والتقنية. ويعد الاستحواذ والاندماج إحدى الإستراتيجيات التي توسع بها الشركات أسواقها ونشاطاتها ومنتجاتها لزيادة إيراداتها وأرباحها، وذلك بشراء شركات أخرى في مجال أعمالها أو في مجالات متنوعة أخرى ترى فيها فرصة لنموها وربحيتها. وهناك حالات كثيرة تستحوذ فيها الشركات على شركات أخرى في نفس المجال، وذلك لزيادة حصتها في السوق ولتقليص عدد المنافسين، لكن قوانين وأنظمة الحوكمة والاحتكار في بعض الدول لا تجيز لها ذلك. أما استحواذ الشركات الناجحة والقوية على الشركات المتعثرة فقد تسمح به قوانين تلك الدول، حرصاً منها على استمرارية نشاط الشركة ووظائف العاملين بها وتدفق الضرائب إلى خزائنها. وتستحوذ بعض الشركات على شركات أخرى تعد إستراتيجية من حيث تزويدها بالمواد الخام أو المعلومات أو عمليات الإنتاج الأخرى.
القانون الفيدرالي الأمريكي (FAR)
Federal Acquisition Regulation المنظم للاستحواذ يحفز ويجيز للشركات الراغبة في الاستحواذ على الشركات المتعثرة في أدائها، بل يرغم المتعثرة على القبول بعرض الاستحواذ خوفاً من إفلاسها الذي ينتهي بتسريح موظفيها، مما يشكل تكلفة مالية على مصلحة الضمان الاجتماعي التي تدفع للعاطلين عن العمل مساعدات مالية منذ تسريحهم حتى حصولهم على وظائف في شركات أخرى. وينظم القانون الفيدرالي الأمريكي الاندماج بين الشركات إضافة إلى عملية الاستحواذ. وتعد الولايات المتحدة الأمريكية قدوة في قوانين وأنظمة وحوكمة الاستحواذ والاندماج والمنافسة ومنع الاحتكار وتحفيز الشفافية المحاسبية وغيرها.
نحتاج في المملكة إلى المزيد من قوانين وأنظمة الحوكمة المتعلقة بالاستحواذ والاندماج بين الشركات، ومنها شركات قطاع المقاولات بالإضافة إلى قوانين للتقليل من الاحتكار الذي لا يخدم الاقتصاد السعودي من حيث تطوير بيئة المنافسة وجودة المنتجات والأداء.
وإذا حللنا وضع شركات قطاع المقاولات في المملكة من حيث الأرباح والأداء لوجدنا أن أغلبها لا تستطيع الاستمرار في سوق المقاولات.
وعادة يكون الاستحواذ على شركات مجربة وعاملة في السوق أفضل من تأسيس شركات تكون نسبة المخاطرة فيها عالية، حيث بإمكان الشركة الراغبة في الاستحواذ مراجعة القوائم المالية للشركات المستهدفة من الاستحواذ لكشف الإيرادات والأرباح والأداء بشكل عام، وذلك قبل الإقدام على قرار الاستحواذ أو الاندماج.
وعلى الشركات الراغبة في الاستحواذ أخذ الحذر من التوسع في عمليات الاستحواذ؛ لأن عدد الشركات المستحوذ عليها وحجمها قد يكون مشكلة كبيرة تضر بأداء الشركة التي استحوذت عليها.